القادر ، ويوم الحساب يخسر هؤلاء المبطلون جميعا ويوقنون الحق ، يوم يحاسبون حسابا عسيرا ، ويرفع كتابهم فيه كل ما عملوا ، والناس إزاء الحساب قسمان أو فئتان : الذين آمنوا وعملوا الصالحات فئة ، وهؤلاء فى رحمة الله ، وهم الفائزون ؛ والذين كفروا فئة أخرى ، وهؤلاء كان يستكبرون ، وكانوا قوما مجرمين ، أجرموا بإنكارهم للبعث وتشكيكهم فى الساعة ، ويوم القيامة تبدو لهم سيئات ما عملوا وقالوا ، ويحيق بهم ما كانوا به يستهزءون ، ولقد استهزءوا بآيات الله ، وغرّتهم الحياة الدنيا ، وفى الآخرة لهم النار لا يخرجون منها ولا هم يسترضون. وتختتم السورة بخير دعاء : (فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّماواتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٣٦) وَلَهُ الْكِبْرِياءُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٣٧).
ومن مصطلحات السورة ، قوله تعالى : (نَسْتَنْسِخُ) (٢٩) ، ومنه الاستنساخ Cloning المستخدمة حاليا فى علم الجينات وعلم الأجنة ، وهو فى الآية بمعنى عمل نسخة أخرى ، فيستنسخ الملائكة أمّ الكتاب ، ليضاهوا ما به ، بعمل ابن آدم فى الدنيا ، فيجدونه طبق الأصل لا زيادة فيه ولا نقصان ، وكذلك الاستنساخ الحيوانى هو أن تنسخ من الحيوان نسخة مطابقة فى الشكل ، والحمد لله ربّ العالمين.
* * *
٦٢٧. سورة الأحقاف
سورة مكية ، إلا الآية : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (١٠) ، والآية : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (١٥) ، والآية : (فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ) (٣٥) ؛ وآياتها خمس وثلاثون ، وترتيبها فى المصحف السادسة والأربعون ، وفى التنزيل السادسة والستون ؛ واسمها «الأحقاف» من قوله تعالى : (وَاذْكُرْ أَخا عادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ) (٢١) ، و «أخا عاد» المقصود به النبىّ هود ، وقومه هم «عاد» ، و «الأحقاف» موطنهم ، قيل : الأحقاف جمع حقف وهو الجبل من الرمل ؛ وقيل : كانوا حيا من اليمن ، أهل رمل ، مشرفين على البحر بأرض يقال لها الشّجر.
والسورة تنقسم سبعة أقسام أو مشاهد تتناول صفات الله ، ونزول القرآن ، وأصحاب الجنة منذ أن كانوا فى بطون أمهاتهم ، وعلاقاتهم بوالديهم ، ثم قصة الذى قال لوالديه