بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (١٢٥) ، حتى ختام السورة : (إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) (١٢٨).
* * *
٩٥. سورة هود وأخواتها
أخوات سورة هود هى : الواقعة ، والمرسلات ، وعمّ يتساءلون ، والقارعة ، والحاقة ، وسأل سائل ، وإذا الشمس كوّرت ؛ وفى حديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «شيّبتنى هود وأخواتها» ، لما فيها من الفزع ، والفزع يورث الشيب ، ويذهل النفس ، ويفصد الجسم عرقا ، فتحت كل شعرة منبع يعرق ، فإذا انتشف الفزع رطوبته يبست المنابت ، فييبس الشعر ويبيضّ ، كالزرع يسقى بالماء فيخضر ، فإذا جفّ الماء ذهبت خضرته ويبس. وفى القرآن : (يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً) (١٧) (المزمل) ، فإنما شابوا من الفزع. وفى تلاوة هذه السور ما يكشف لقلوب العارفين سلطان الله تعالى وبطشه ، فتذهل منه النفوس ، وتشيب منه الرءوس.
ومن سورة هود هذه الآية : (فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَمَنْ تابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (١١٢) ، قال ابن عباس : ما نزل على رسول الله آية هى أشدّ ولا أشق من هذه الآية عليه. والخطاب فيها للنبى صلىاللهعليهوسلم ، والمراد أمّته. ومعنى استقم : اطلب الإقامة على الدين من الله ، واسأله ذلك. ولما سئل النبىّ صلىاللهعليهوسلم : يا رسول الله ، قل لى فى الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك؟! قال : «قل آمنت بالله ثم استقم». أخرجه مسلم.
* * *
٩٦. آيات سورة البقرة فى المؤمنين والكافرين والمنافقين
فى سورة البقرة أربع آيات فى المؤمنين ، واثنتان فى الكافرين ، وثلاث عشرة فى المنافقين. فلما ذكر الله تعالى المؤمنين أولا ، وبدأ بهم لشرفهم وفضلهم ، ذكر الكافرين فى مقابلهم ، إذ الكفر والإيمان طرفان ، ثم ذكر المنافقين بعدهم وألحقهم بالكافرين قبلهم ، لنفى الإيمان عنهم.
* * *
٩٧. الأحاديث فى فضل سور القرآن أغلبها موضوع
الوضّاعون والمختلقون افتروا الأحاديث والأخبار فى فضل سور القرآن ، فمنهم الزنادقة ، قيل وضعوا جملة من الأحاديث بلغ عددها أربعة عشر ألف حديث! منها مثلا الحديث : «أنا خاتم الأنبياء لا نبىّ بعدى إلا ما شاء الله». فزادوا الاستثناء على الحديث