الأصلى ، وقولهم «إلا ما شاء الله» يعارض صريح القرآن : (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) (٤٠) (الأحزاب). ومن الزنادقة الوضّاعين : المغيرة بن سعيد الكوفى ، ومحمد بن سعيد الشامى ، والحارث الكذّاب الذى ادّعى النبوة. ومن الخوارج من وضع الحديث فى فضل سور القرآن ، فكانوا يزيدون فى الأحاديث من الكلمات بقدر ما ينحرف بها إلى المعانى التى تنتصر لأفكارهم ، فكلما هووا أمرا صيّروه حديثا. ووضع بعض المتعبّدين الأحاديث فى فضل السور للترغيب أو الترهيب ، فكان أبو عصمة نوح بن أبى مريم المروزى ، ينسب ما يروى إلى عكرمة عن ابن عباس ، ويحتج أنه رأى الناس قد أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بالفقه والمغازى ، فوضع ما وضع حسبة ، ليقبلوا على قراءة القرآن وحفظه. ونسب بعض المحدّثين أسباب نزول الآيات إلى علىّ بن أبى طالب مثلا ، أو إلى غيره ، تقرّبا إلى أصحاب النفوذ والسلطان ، ومن ذلك الحديث الطويل عن أبىّ بن كعب عن النبىّ صلىاللهعليهوسلم ، فى فضل القرآن سورة سورة ، فحذار أيها القارئ اللبيب ، من أعداء الدين ، وزنادقة المسلمين ، من وضّاع الأحاديث ، وخاصة فيما ينسبونه إلى القرآن ولم يقل به الرسول صلىاللهعليهوسلم ، وصدق إذ قال : «اتقوا الحديث عنى إلا ما علمتم ، فمن كذب علىّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار» أخرجه أحمد والترمذى.
والحقّ أن القرآن كله كتاب الله ، وفى الحديث الصحيح : «من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة ، والحسنة بعشر أمثالها ، لا أقول الم حرف ، بل ألف حرف ، ولام حرف ، وميم حرف» أخرجه الترمذى ، وقال تعالى فى القرآن : (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) (٤٤) (فصلت) ، وهذه البركة فى القرآن كله فرائضه وأحكامه ، وأمثاله ، وقصصه ، وأخباره.
* * *
٩٨. أعظم شهادة فى القرآن
لمّا دخل حبران من الشام على رسول الله صلىاللهعليهوسلم يسألانه : ما أعظم شهادة فى القرآن؟ نزلت الآية : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (١٨) (آل عمران) ، والآية دليل فضل العلم وشرف العلماء ، ولو كان أحد أشرف من أهل العلم لقرنهم الله باسمه تعالى واسم ملائكته كما قرن اسم العلماء. وفى الحديث : «العلماء ورثة الأنبياء».