هى موجبات الحدود. وهؤلاء المستحقون للجنة : إذا غضبوا يغفرون ، ويستجيبون لله ، ويقيمون الصلاة ، ويتشاورون فيما بينهم ، وقيل هؤلاء هم الأنصار ؛ وإذا أصابهم البغى ينتصرون لأنفسهم من الباغى ، والسيئة يجازونها بالسيئة مثلها ، والعفو والصلح أفضل ؛ ولا سبيل على من ينتصر لنفسه ، وإنما السبيل على من يظلم ويبغى فى الأرض بغير الحق ؛ والصبر والعفو من عزائم الله وعزائم الصواب ؛ والخاسرون هم الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ؛ والظالمون فى العذاب المقيم ؛ والإنسان كفور ، فحين يذيقه الله منه رحمة يفرح بها ، وإن تصبه سيئة بما قدّمت يداه يقنط وييأس ؛ والله تعالى يخلق ما يشاء من الذكور والإناث ، وقد يهب للناس أيا منهما ، أو يزاوج بينهما ، أو لا يرزقهم شيئا ويجعلهم بلا عقب. ولكل أمة نبىّ ، وكل نبىّ يكلمه الله إما وحيا أو من وراء حجاب ، أو يرسل إليه رسولا فيوحى إليه ، وكذلك أوحى الله إلى نبيّنا صلىاللهعليهوسلم ، فأرسل إليه جبريل ، روحا من عنده تعالى ، وما كان نبيّنا يدرى قبل ذلك ما معنى كتاب ولا إيمان ، ولكن الفضل لله لمّا بعثه ، فعرّفه الكتاب وأنزله عليه ، وعلّمه الإيمان ، وفهّمه الأحكام والفرائض ، وجعله نورا وهدى للناس ، يهديهم إلى صراطه تعالى المستقيم ، أى القرآن والإسلام. وكل ما نعمل ونقول ينتهى مصيره إلى الله ، وإليه تصير الأمور جميعها فى الأرض وفى السماء. والحمد لله ربّ العالمين.
* * *
٦٢٤. سورة الزخرف
السورة مكية ، وقيل إلا الآية ٨٩ فمدنية. والسورة نزلت بعد الشورى ، وآياتها تسع وثمانون آية ، وترتيبها فى المصحف الرابعة والخمسون ، وفى التنزيل الثالثة والستون ، وسميت سورة الزخرف لقوله تعالى فيها : (وَلَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ (٣٣) وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْواباً وَسُرُراً عَلَيْها يَتَّكِؤُنَ (٣٤) وَزُخْرُفاً وَإِنْ كُلُّ ذلِكَ لَمَّا مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ) (٣٥) ، فوصف تعالى الدنيا وصفا رائعا ، فلولا أن يرغب الناس فى الكفر إذا رأوا الكافر فى سعة من الرزق ، فيصيروا أمة واحدة فى الكفر ، لخصّصت هذه الدنيا للكفّار ، ولجعلت لهم القصور المزخرفة المزدانة بأنواع النقوش والزينة ، وكانت سقوفها من الفضة ، ولها السلالم والمصاعد من الفضة ، يرتقون عليها ويصعدون ، ولجعلت لبيوتهم أبواب من فضة ، وسرر من فضة يتكئون عليها ويريحون ، ولجعلت لهم الزينة من نقوش الفضة والذهب ، إلا أن كل ذلك النعيم من متاع الدنيا الزائل ولا بقاء له ، لأن الدنيا نفسها إلى زوال. وتبدأ سورة الزخرف