(زَوَّجْناكَها) وتباهى نساء النبىّ صلىاللهعليهوسلم بأن الله أنكحها النبىّ صلىاللهعليهوسلم من السماء ، وأن السفير كان جبريل ، وأن جدّها وجدّ النبىّ صلىاللهعليهوسلم واحد. وانتهت مسألة التبنّي فى الإسلام إلى الأبد ، وانتهى أن ينسب زيد أو غيره للنبىّ صلىاللهعليهوسلم ، فلم يكن أبا لأحد من الرجال وإنما هو رسول الله وخاتم النبيين ، فهذه بركة من السماء تستحق أن نشكره تعالى عليها ، ولذا تأتى الآيات تأمر بذكر الله وبتسبيحه بكرة وأصيلا ، وكراماته تعالى كثيرة على المسلمين ، ونعلم أنه تعالى يصلّى علينا وملائكته ، وصلاته هى رحمته وبركاته ، وأنه تعالى يوم يلقانا سيحيّينا تحية السلام ، وسيجازينا الأجر الكريم. وكل ذلك الكرم من أجل نبيّنا ، يخاطبه الله تعالى إبلاغا للأمة ، بأنه : الشاهد ، والمبشّر ، والنذير ، والنبىّ ، والداعى إلى الله ، والسراج المنير ، فأعطاه ستة أسماء فى آية واحدة ، والآية تأنيس للنبىّ صلىاللهعليهوسلم وللمؤمنين ، وبشّرهم ربّهم أن لهم منه الفضل الكبير ، فلا ينبغى له ولهم أن يطيعوا الكافرين والمنافقين ، وعليهم أن يتجاوزوا أذاهم ، وأن يتوكلوا على الله وكفى به وكيلا. وتتحدث السورة فى أمر المطلّقات ، فتجعل لهن عدّة إذا دخلوا بهن ، واللاتى لم يدخل بهن لا عدّة لهن ، وينبغى إمتاعهن ، والمتعة : مال يدفع لهن بحسب الميسرة والعسرة. وحدّدت الآيات اللاتى يحلّ للنبىّ صلىاللهعليهوسلم الزواج منهن ، وهن قريباته اللاتى هاجرن معه ، وأيّما امرأة تهب نفسها له إن أرادها ، ولم تكن فى حياة النبىّ صلىاللهعليهوسلم نساء وهبن أنفسهن له ، وجعل الله له أن يقسم لهن أو لا يقسم ، ولكنه مع ذلك كان يقسم ، ولم يعد له أن يتزوج ولا أن يحل واحدة مكان أخرى يطلقها. ووعظت الآيات الناس فيما ينبغى منهم إذا دخلوا بيوت النبىّ صلىاللهعليهوسلم ، فأولا يجب أن يستأذنوا ، وإذا سألوا نساءه شيئا فليسألوهن من وراء حجاب ، وأعلمت المسلمين أنه لا زواج من نساء النبىّ صلىاللهعليهوسلم بعد وفاته ، وأن نساءه مباح لهن أن يظهرن على آبائهن وأبنائهن وإخوانهن ، وأبناء إخوانهن ، وأخواتهن ، ونسائهن ـ أى عدم الاحتجاب من النساء المؤمنات ، وأمرت المسلمين أن لا يؤذوا النبىّ صلىاللهعليهوسلم ، والأولى بهم أن يصلّوا عليه ويسلّموا تسليما ، وأن لا يؤذوا المؤمنين ولا المؤمنات بغير ما اكتسبوا ، وأن يدنى النساء ، سواء نساء النبىّ صلىاللهعليهوسلم أو نساء المؤمنين ، من جلابيبهن ، وحذّرت المنافقين والمرجفين صنّاع الإشاعات ، والإرجاف هو إشاعة الكذب والباطل ، وبيّنت أن الساعة لا يعلمها إلا الله ، وأن الخسران للكافرين ، وأنهم لا يعذرون بأنهم أطاعوا كبراءهم وساداتهم ، وكررت التحذير من إيذاء النبىّ صلىاللهعليهوسلم كإيذاء بنى إسرائيل لموسى ، فبرّأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها ، ودعتهم أن يقولوا القول السديد الرشيد ، لتنصلح أحوالهم وتغفر ذنوبهم ، وسمّت هذه التكاليف بالأمانة ، وهى ثقيلة ، ولو عرضت على السموات