٦١٤. سورة الأحزاب
السورة مدنية ، نزلت فى المنافقين وإيذائهم للرسول صلىاللهعليهوسلم ، وطعنهم فيه وفى أزواجه ، وتناولت الكثير من الجوانب التشريعية فيما يخصّ الأسرة والمجتمع ، وتطرّقت إلى بعض الآداب الإسلامية ، وأفاضت فى الحديث عن غزوة الخندق ، وهى المسماة «غزوة الأحزاب» ، وسميت السورة بها ، لأن المشركين تحزّبوا على المسلمين ، واجتمعوا عليهم من كل حدب : القرشيون من مكة ، وبنو غطفان ، وبنو قريظة ، وغيرهم كثيرون. وآيات هذه السورة ثلاث وسبعون ، وكان نزولها بعد آل عمران ، وترتيبها فى المصحف الثالثة والثلاثون ، وفى التنزيل المدنى الرابعة ، وفى التنزيل عامة التسعون ، وتكثر فيها الإسرائيليات ، بزعم أنها كانت من السور الطوال ، وكانت تعدل البقرة! وكانت بها آية الرجم التى قيل أنها : «الشيخ والشيخة إذا زينا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم»؟! وكل ذلك كذب وزور وبهتان ، فالسورة كما هى ، والأقوال المنسوبة إلى عائشة فيما يخص طول السورة ، جميعها ملفقة ، ومن الغريب أن يقال أن ما نسخ من هذه السورة كان فى صحيفة فى بيت عائشة فأكلتها الداجن! وهى تشنيعة من تشنيعات اليهود والملاحدة والشيعة. وتفتتح السورة تخاطب النبىّ صلىاللهعليهوسلم أن لا يطيع الكافرين والمنافقين ، وأن يتّبع ما يوحى إليه ، وأن يتوكل على الله ، فما يصحّ أن يكون للمرء قلبان ، مثلما لا يصحّ أن تكون زوجة الرجل عليه كظهر أمه ، فالأم أم ، وكذلك الزوجة زوجة ، وأيضا لا يصحّ تسمية الابن الدعىّ ـ أى بالتبنى ـ ابنا ، والأحرى أن يدعى باسم أبيه أو باسم وليّه ، والنبىّ ليس ولى واحد من المسلمين بعينه دون سائر المسلمين ، وإنما هو وليّهم جميعا ، وزوجاته أمهات للمسلمين جميعا ، والأولى أن ينسب كل ذى رحم إلى رحمه ، فهكذا علّم الله نبيّه ، وأخذ ميثاقه على هذا التعليم ، ولسوف يسأل عنه. ثم بدأت السورة بعد هذه المقدمة فى سرد وقائع غزوة الخندق أو الأحزاب ، فقد أحاط الأعداء بالمسلمين من كل مكان ، فمن فوقهم جاءت جنود أسد وغطفان ، ومن أسفلهم أقبلت جنود قريش وكنانة وغيرهم ، وأعان هؤلاء يهود بنى قريظة ، فنقضوا عهدهم مع الرسول صلىاللهعليهوسلم ، وبلغ الرعب فى المسلمين منتهاه ، وظنوا أن الله تخلّى عنهم ، وابتلوا وزلزلوا ، وانكشف أمر المنافقين فأرادوا الفرار ، على زعم أنهم تركوا أهاليهم بلا حماية ويريدون العودة لحمايتهم ، وهؤلاء المعوّقين يعلم بهم ربّهم. وتتوالى الآيات فى وصف العلامات النفسية للمنافقين المثبّطين للهمم ، الخائفين المذعورين من القتال ، يودّون لو لم يحضروا. وأما المؤمنون فقدوتهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ولما رأوا الأحزاب قالوا هذا ما وعدهم الله ورسوله ، وزادهم ما هم فيه من بلاء إيمانا ، ومنهم