أهم ما يرد فيها سميت السورة باسم لقمان ؛ وتبدأ بالحروف المقطّعة (الم) ، للتنبيه على أن القرآن يتركب من الحروف الأبجدية التى هى كالعناصر التى تتركب منها الآيات فى الكون ، فكأن كتاب القرآن ككتاب الكون ، وكلاهما معجز. والحروف المقطّعة (الم) تبدأ بها ست سور ، هى بترتيب المصحف : البقرة ، وآل عمران ، والعنكبوت ، والروم ، ولقمان ، والسجدة ، وهذه السور جميعها يقسم فيها الله تعالى بهذه الحروف تنبيها إلى كتابه تعالى المعجز ، ولذا أعقبها بقوله : (تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ) (٢) ، وتلك للتفخيم ، والكتاب الحكيم عرفهما بأداة التعريف إشارة إلى أنه القرآن ، وهو الكتاب الهادى ، والذى به تتحصّل الرحمة لكل من يعبد الله كأنه يراه ، فإن لم يكن يراه هو ، فإنه تعالى يراه. والسورة تنقسم ثلاثة أقسام ، فى الأول : يتوجه الكلام عن القرآن والكون تنبيها إلى قدرته تعالى ووحدانيته ؛ وفى الثانى : يتحدّاهم الله تعالى أن يخلقوا كخلقه ، ويبدعوا كإبداعه ؛ وفى الثالث : تحذّر السورة من يوم القيامة. والناس بحسب القرآن عموما ، وفى هذه السورة ، إما «الموقنون المفلحون» ، وإما «المرتابون الخاسرون» وهم الذين كذّبوا بآياته ، سواء آيات القرآن أم آيات الكون ، وأقبلوا على ما يلهيهم عن طاعته تعالى ، وما يصدّ عن سبيله ، وليس بعد الحق إلا الضلال ؛ و «اللهو» هو الباطل الذى يلهى عن الخير ، وعلامة هؤلاء «اللاهين» أنهم كلما سمعوا القرآن يتلى ولّوا مستكبرين ، لا ينصتون كأن فى آذانهم وقر ، أو يدّعوا أنهم غير معنيين ، وهؤلاء وأمثالهم مبشّرون بالعذاب الأليم! وهو الله خلق السموات بغير عمد ، وجعل فى الأرض رواسى حتى لا تميد ، وخلق الكائنات والزروع ، فما ذا خلق الذين من دونه تعالى؟ وتضرب السورة المثل بلقمان ، أوتى الحكمة فشكر لله ، ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه ، ومن شكره أن وعظ ابنه أن لا يشرك بالله ، فهذا واجب الآباء نحو أبنائهم والناس جميعا ؛ والشرك ظلم عظيم ، وعقابه بقدر عظمه ، وما ينبغى لإنسان أن يشرك حتى لو حرّضه على الشرك أبواه ، والتوصية بهما فى الدنيا من الدين ، ومن يرحم أبويه ويعترف بفضلهما ويشكرهما فإنه حتما سيشكر الله ، لأن المقرّ بالفضل لهما ، سيقر بالفضل لصاحب الفضل الأكبر عليهما وعليه ، والإنسان فى حياته صغيرا وكبيرا أولى به أن يتّبع سبيل الصالحين والمؤمنين ، وسبيلهم هو الموصّل إلى الله ، والله لطيف بعباده خبير ، ولا يظلم أحدا ولو بمثقال حبّة من خردل ، وشكره تعالى بأداء الصلوات ، والأمر بالمعروف ، والنهى عن المنكر ، والصبر على المصائب ، وذلك من عزم الأمور ـ أى من حقيقة الإيمان. ومن يؤمن بالله لا يصعّر خدّه للناس ، ولا يمشى فى الأرض مرحا. والمؤمن من صفاته القصد فى المشى ، وغضّ الصوت. ويبدو أن مواعظ لقمان لم تنته عند