ولتعلموا أن لا يكذبوا على الله. ويوم القيامة لا ينفع لهم قسم ، ولا معذرة ، ولا يستعتبون ـ أى يسترضون. وتختتم السورة بإثبات أن هذا القرآن فيه من كل مثل ما ينبههم إلى توحيده تعالى ، وإلى تصديق المرسلين ، وأنه لا أمل مع المكذّبين حتى ولو تنزّلت عليهم معجزات كمعجزات موسى. والسورة برمتها تسلية للمؤمنين وللرسول صلىاللهعليهوسلم ، عمّا يلقاه من أذى المشركين ، ليصبر على ما يقولونه عنه وما يفعلونه به.
ومن مصطلحات هذه السورة قوله تعالى : (أَدْنَى الْأَرْضِ) (٣) وهى أقربها ، وهى فى الآية إما أقربها إلى مكة ، أو إلى فارس ، أو إلى الروم ، وقيل : كان انتصار الروم فى أذرعات بالشام ؛ و (ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا) (٧) هو معارفها عن المعايش والزراعة والحصاد ، يعنى أن علمهم كان بالقشور وليس باللباب ؛ و (السُّواى) (١٠) من السوء على وزن فعلى ، تأنيث للأسوإ ، أى الأقبح ، كما أن الحسنى تأنيث للأحسن ، ويعنى بها فى السورة النار ، وقيل : «السوأى» اسم لجهنم ، كما أن الحسنى اسم للجنة ؛ والإبلاس فى قوله : (يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ) (١٢) هو انقطاع الحجة ، ومنها إبليس ، لأنه أبلس وانقطعت حجّته ؛ و (الْبَرْقَ) (٢٤) من آياته تعالى ، يريه الناس خوفا وطمعا ، فأما الخوف فهو من صواعقه ، وأما الطمع ففي غيثه ؛ والقنوت : فى قوله : (كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ) (٢٦) هو الإقرار بالعبودية ، وقيل : كل قنوت بالقرآن يعنى : الطاعة ؛ والله (وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى) (٢٧) : أى له أعلى الصفات ، والمثل هو الصفة ؛ وذا القرب : هو القريب ؛ والمسكين هو السائل الطوّاف ؛ وابن السبيل : هو الضيف ؛ والربا : ربوان ، ربا حلال ، وربا حرام ، والربا الحلال فهو المال الذى يهدى ويلتمس ما هو أفضل منه عند الله ، وأما الربا الحرام هو الذى يؤجر صاحبه وعليه إثم ؛ و (الْمُضْعِفُونَ) (٣٩) هم الذين يريدون بعمل الخير وجه الله يضاعف لهم الأجر ؛ وكسف السحاب : قطعه المتفرقة ؛ والودق : المطر ؛ والمبطلون : المتّبعون للباطل. ولله الحمد والمنّة ، وبه التوفيق والعصمة.
* * *
٦١٢. سورة لقمان
سورة مكية ، وقيل إلا الآيات ٢٧ و ٢٨ و ٢٩ فمدنية ، ومع ذلك فهذه الآيات تتفق تماما مع سياق السورة ، ومع مضمونها ومضمون السور المكية ولا تخالفها فى شىء ، الأمر الذى يقضى بأن السورة بأجمعها مكية ، وكان نزولها بعد الصافات ، وترتيبها فى المصحف الواحدة والثلاثون ، وفى التنزيل السابعة والخمسون ، وآياتها أربع وثلاثون ، وتستمد اسمها «سورة لقمان» من اسم لقمان الحكيم ، وتورد بعضا من أقواله ، ولمّا كانت هذه الأقوال من