رفض كل المراضع ، وشبّ موسى ذكيا حكيما مؤمنا ومتعصبا لقومه ، وكانت حادثة تدخّله مرتين لصالح العبرانى ضد عدوه ، وقتله لعدوه قتلا خطأ ، وهروبه إلى مدين ، حيث ستكون مدرسته فى النبوة مع حميّه ، قيل إنه النبىّ شعيب وهذا هو الجزء الأول من السورة. فإذا كان الجزء الثانى من القصة فإنا نجد موسى قد وصل إلى مدين ، وأظهر فيها منذ البداية شجاعة وقوة وأمانة ، وسقى للمرأتين ، فأرسل أبوهما إليه ليجزيه ، واختارته إحدى المرأتين زوجا لها ، وعرض عليه أبوها أن يزوّجه منها وقد كان ، وأمهرها موسى أجره عند أبيها لمدة ثمانى سنوات ، زادها إلى عشر ، فلما انتهى العقد خرج وامرأته إلى البرية ، وجاءه أمر تكليفه بالرسالة من الله تعالى ، وشهد أن تتحول عصاه إلى ثعبان ، وأن تخرج يده من جيبه بيضاء من غير سوء ، واستعان ربّه بأخيه هارون لفصاحته عنه ، وأبدى مخاوفه أن يقبض عليه الفرعون لقتله نفسا من شعبه ، وأن يقتلوه به ، وطمأنه ربّه أن سيجعل لهما سلطانا فلا يصلون إليه وإلى أخيه. وفى مصر ، أرض جاسان (محافظة الشرقية) حيث كان شعب إسرائيل ، وفرعون الهكسوسى ، وهامان الأشورى مساعده ، بدأ الجزء الثالث من القصة ، وهؤلاء جميعا لم يكونوا مصريين ، واسم فرعون ليس اسما مصريا ، ولا اسم هامان ، وكانت جاسان أرض محتلة يستعمرها الأشوريون واستوطنوها ، وجميع الحكايات قبل موسى ، كحكاية إبراهيم ، ويوسف ، ويعقوب ، جرت على أرض جاسان ومع هؤلاء الأغراب ، ولهذا خلت الآثار المصرية من هذه القصص ، وكانت تانيس عاصمة جاسان وتقع على بحيرة المنزلة. وشاهد فرعون معجزات موسى ، ووصف ما شاهد بأنه سحر مفترى ، وأنكر فكرة موسى عن الإله الواحد ، وأمر هامان أن يصنع له برجا كبرج بابل يطّلع منه على إله موسى إن كان صادقا ، واستكبر ، وكان الصدام بين قوى الشر وقوى الخير ، وخرج موسى يقود الشعب ، وخرج الفرعون يقود جنوده وراءهما ، فأطبق البحر عليه وجنوده وغرقوا جميعا ، وجعل الله فرعون وهامان ومن تبعهما أمثلة للأئمة يدعون إلى النار ، ولعنهم فى الدنيا ، وهم مقبوحون يوم القيامة ، أى مطرودون من رحمة الله. ثم يكون الجزء الرابع من القصة ، وفيه يؤتى الله موسى التوراة ، بصائر للناس وهدى ورحمة ، أى ضياء لهم ونورا يتبصّرون به الحق ، وهدى من الضلال ، ورحمة لمن آمن بها ، يسترشدها فى حياته ويعمل بمقتضاها. وهذه التوراة ليست هى أسفار موسى الخمسة الحالية ، فهذه توراة مزيفة ألّفها المدعو عزرا أو عزير. ويخاطب الله تعالى النبىّ صلىاللهعليهوسلم ، أنه ما حضر تكليف موسى ، ولا شهد الجانب الغربى من الطور ، ولكن جاءه العلم به من خلال القرآن ، وفيه خبر الغيوب ، دليلا على أنه من عند الله. وكان نزوله