الْغَيْبَ إِلَّا اللهُ) (٦٥) يحتج به على من يصدّق منجّما ؛ وقوله : (إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ) (٨٠) ردّ على من قال بأن الموتى فى القبور تسمع ؛ وقوله : (وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) (٨٧) قيل النفخة نفختان ، فالأولى نفخة الصعق ، كقوله : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ) (الزمر ٦٨) ، والثانية : نفخة الفزع ، إذ يخرجون من القبور سراعا خائفين داخرين. والحمد لله ربّ العالمين.
* * *
٦٠٩. سورة القصص
من السور المكّية ، وآياتها ثمان وثمانون آية ، قيل إلا الآيات : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (٥٢) وَإِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ قالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (٥٣) أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٥٤) وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ) (٥٥) ، بدعوى أنها نزلت فى جماعة من اليهود كانوا يؤمنون بمضمون القرآن ، ويعتقدون صدق ما فيه عن كتابهم ، وأنه قد حرّف وصرفت آياته عن معانيها ، ثم إنهم تمعّنوا أكثر فى القرآن فتبيّنوا أنه على الحق ، وصدّقوا محمدا صلىاللهعليهوسلم ، فهؤلاء مثل : عبد الله بن سلام ، وكثير من النصارى ، قيل هم أربعون قدموا مع جعفر بن أبى طالب إلى المدينة ، وكان منهم اثنان وثلاثون رجلا من الحبشة ، وثمانية أقبلوا من الشام. وقيل : كان من النصارى الذين آمنوا بمحمد والقرآن : بحيراء الراهب ، وأبرهة ، فأنزل الله هذه الآية : (أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا) (٥٤) ؛ وقيل نزلت فى : عبد الله بن سلام ، وتميم الدارى ، والجارود العبدى ، وسلمان الفارسى ، أسلموا فنزلت هذه الآية. وقيل منهم : رفاعة القرظى. والصحيح أن هذه الآيات مكية ، وروحها العامة مكية ، ونزلت فيمن كان يؤمن بالله من قبل القرآن ، ثم بما جاء به القرآن ، فلمّا سمعوه يتلى عليهم صدّقوا به ، وقالوا : (إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ) (٥٣) ، يعنى : إن كان هذا هو إسلام محمد ، فإنّا كنا قبل محمد على دين الإسلام ؛ أو يعنى : إنّ ما كنا عليه قبل محمد هو الإسلام إذن؟! وقيل أيضا إن الآية : (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جاءَ بِالْهُدى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (٨٥) مدنية ، باعتبار أن هذه الآية بشارة للنبىّ صلىاللهعليهوسلم بردّه إلى مكة قاهرا لأعدائه ، فمعاد الرجل بلده ، لأنه ينصرف منها ثم يعود إليها ؛ وقيل : إن الآية نزلت بالجحفة فى الطريق بين مكة والمدينة وهو فى الهجرة ، ومن ثم فالآية ليست مكية ولا مدنية. وقال البعض : إن روح الآية