عند المؤمنين. والدلائل كلها تثبت وجود الله ، وصدق الدعوة إليه ، إلا أن بعضهم يكفر بها ، وبعضهم منافق يضمر الكفر ويظهر الإيمان ، والإيمان له متطلباته ، وأهمها طاعة الله ونبيّه صلىاللهعليهوسلم ، وهؤلاء المنافقون كلما طلب منهم شىء تولّوا ، وكلما حكّم فيهم الرسول صلىاللهعليهوسلم أعرضوا ، ويقسمون جهد أيمانهم مع ذلك أنهم سيخرجون معه لو أمرهم ، وما أغناهم عن القسم ، لأن طاعتهم معروفة وهى الكذب. والذين يطيعونه حقا وعدهم الله أن يستخلفهم فى الأرض ، ويمكّن لهم دينه ، طالما يقيمون الصلاة ، ويأتون الزكاة ، وأما الكافرون فإنهم لن يعجزوه تعالى فى الأرض. ثم تعود السورة إلى استعراض بعض آداب الأسرة التى تصنع المسلم العامل بأوامر ربّه ونواهيه ، والذى يتأسّى برسله ، ومنها أن يعلّم أطفاله وأطفال المسلمين أن يستأذنوا على أبويهم ثلاث مرات فى اليوم ، من قبل الفجر ، وحين يضعون الثياب فى الظهر ، ومن بعد صلاة العشاء ، وأنه لا جناح على القواعد من النساء أن يضعن ثيابهن غير متبرجات ، والقواعد واحدتها قاعد ، بلا هاء ، وهى العجوز التى قعدت عن الولد والمحيض ؛ ولم يعد لأحد مطمع فيها كأنثى ؛ وأنه لا حرج على الأعمى والأعرج والمريض أن يجالسوا الأسوياء وأن يؤاكلوهم ؛ وأن على المسلم أن يلبى الدعوات إلى الطعام إذا دعى ؛ ولا يدخل أى بيت إلا إذا سلّم على أهله ؛ والمؤمن حقا هو من يدعى إلى اجتماع عام يخصّ المسلمين فلا يتأخر ؛ وأن يستأذن لو كان سيتأخر أو لو اضطر إلى الخروج ؛ وأن يراعى الأدب إذا خاطب الرسول صلىاللهعليهوسلم ، أو ذكر اسمه بعد وفاته ، وإذا ناداه أو ذكر اسمه ، لا ينادى عليه كندائنا لبعضنا البعض ، أو يذكره كذكرنا لبعضنا البعض ، والله عليم بالنوايا وما نقول ونفعل ، وما نحن عليه اليوم ، وما سنكونه فى مقتبل الأيام. والحمد لله ربّ العالمين.
* * *
٦٠٦. سورة الفرقان
السورة مكية ، وآياتها سبع وسبعون ، وكان نزولها بعد سورة يس ، وترتيبها فى المصحف الخامسة والعشرون ، وفى التنزيل الثانية والأربعون ، وتتناول موضوعات : العقيدة والتوحيد ، والبعث ، والقيامة ، والحساب ، والثواب والعقاب ، والجنة والنار ، والرسول صلىاللهعليهوسلم وأطرافا من حياته وسيرته وأوصافه ، وأبعاد الرسالة التى كلّف بها ، وبعض القصص عن موسى ونوح ، وقوم لوط وعاد وثمود ، وأصحاب الرس ، والتنبيه لنعم الله وأفضاله وآياته فى الكون ، وأحوال المؤمنين والكفار فى الجنة وفى النار ، وتختتم بالحديث عن عباد الرحمن وصفاتهم وما لهم من أخلاق. و «تبارك» التى تستهل بها من البركة ،