ولا يرضى بالزواج من الزانية إلا زان أو مشرك ، وكذلك الزانى ، ولأنه لا ينكح الزانية إلا من يرضى بزناها ؛ وقد جلد أبو بكر زان وزانية كلا منهما مائة جلدة ثم زوّجهما لأنهما أليق ببعضهما ؛ وأما نكاح البغايا فمحرّم على المسلمين. ولأن الزنى محرّم ، فإن رمى المحصنات واتهامهن بالزنا من الكبائر ، وكان نزول حدّ القذف بسبب رمى المنافقين لعائشة ، وفرض شهادة أربعة رحمة من الله بعباده وستر لهم ، فإذا لم يكتمل عدد الشهود أربعة ، يجلد من يشهدون دون الأربعة ولا تقبل شهادتهم أبدا إلا لو تابوا. والذى يرمى زوجته ولم يكن له شهداء ، عليه أن يحلف أربع مرات بالله إنه لصادق ، والخامسة : أن لعنة الله عليها إن كان كاذبا ؛ ولو أقسمت هى كذلك أربع مرات إنه لكاذب ، والخامسة : أن غضب الله عليها إن كان صادقا ، درأت عنها العذاب ، ويفرّق بينهما ، ولا تحلّ مراجعتها. ويسمى ذلك «اللعان» ، وهو قول الزوج : علىّ لعنة الله إن كنت من الكاذبين. وأشهر رمى للمحصنات فى تاريخ الإسلام ما أورده القرآن منه ، وهو رمى أم المؤمنين عائشة فيما يسمى حادثة الإفك ، والحديث فيها يطول ، والإفك هو الكذب ، وعصبة الإفك ممن ذكروا : ثلاثة ، هم : حسان بن ثابت ، ومسطح بن أثاثة ، وحمنة بنت جحش ، وقيل رأس الإفك : عبد الله بن أبىّ. وقيل المتهمون به من ثلاثة إلى عشرة ، وقيل أربعون ، وقيل إن الذين حدّوا ثلاثة فقط ، وقيل لم يحدّ أحد لأن الحدود لا تقام إلا بإقرار أو بينة ، والشاهد من تضارب الأقوال أنه لم يحدّ أحد والعجيب أن الذى اتهموها به ـ وهو صفوان بن المعطل ـ كان حصورا ولم يتزوج فى حياته. والإفك أرغى فيه المستشرقون وأزبدوا ، وطعنوا فى أم المؤمنين ما شاء لهم الطعن ، وبرّأها القرآن كما برّأ مريم ، إلا أن مريم لم يكن لها زوج وحملت وجاءت بولد ، وعائشة كان لها زوج ولم تحمل ، ولم تنجب ، فأيهما أحرى بالتهمة؟ التى حملت بلا زوج وأنجبت ، أم التى لم تحمل ولم تنجب وكان لها الزوج؟!! وأقوال المستشرقين وأضرابهم فى عائشة ، ثم فى النبىّ صلىاللهعليهوسلم ، وفى زيد بن حارثة إلخ ، من باب إشاعة الفاحشة فى المسلمين ، كقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (١٩). وما كان يمكن أن تكون عائشة زوجة للنبىّ صلىاللهعليهوسلم وهى كما اتهموها ، فالقاعدة فى السلوك : أن الخبيثات للخبيثين ، والطيبات للطيبين ، والزانية لا يتزوجها إلا زان مثلها ، وما كانت عائشة إلا الطهارة مجسّدة ، وما كان رسولنا الكريم إلا سيد العالمين ، فكيف تكون عائشة زانية؟!! ونحن نعرف فى الدراسات النفسية ما يسمى بتاريخ الحالة ، وتاريخ عائشة كله طهر وصلاح وتقوى وخشية ، وكانت من أب هو الكمال بعينه ، وأمّ هى القمة فى الطيبة ، فكيف تكون ابنتهما على عكسهما؟ وفى علم الوراثة فإننا