الذى استنّ ذلك. وقيل : إن عثمان قرن بين سورتى الأنفال وبراءة ، مع أن الأنفال من السور المثانى ، وبراءة من السور المئين ، ولم يكتب «بسم الله الرحمن الرحيم» بين السورتين ، ووضعهما كسورة واحدة ضمن السور الطوال ، وتعلل بأن الأنفال كانت من أوائل ما أنزل فى المدينة ، بينما براءة من أواخر ما أنزل ، ومع ذلك فإن قصتيهما كانتا متشابهتين ، وقبض رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولم يبيّن أنها منها أو أنها غيرها ، فظن عثمان أنها منها ، ومن ثم قرن بينهما ولم يكتب بينهما «بسم الله الرحمن الرحيم»؟!! وإذن يكون عثمان هو السبب. ولكن الأغرب من ذلك أن يقول صحابى مثل سعيد بن جبير ـ إن كان قد قال ذلك ولم ينتحل عليه : إن سورة براءة كانت فى طول سورة البقرة؟!! فأين ذهب الباقى إذن؟! وقيل : إن كتبة القرآن انقسموا فريقين ، ففريق اعتبر السورتين سورة واحدة ، وفريق اعتبرهما سورتين ، فاتفقوا أن يدرجوهما ضمن المصحف مع تثبيت الرأيين ، فجعلوهما سورتين ولم يفصلوا بينهما ببسم الله الرحمن الرحيم. وقيل : إن عليا قال إن بسم الله الرحمن الرحيم أمان ، وبراءة نزلت بالسيف ليس فيها أمان! وقيل : بسم الله الرحمن الرحيم ، رحمة ، وبراءة نزلت سخطة. وقيل : إن السبب إن جبريل لم يتلها على النبىّ صلىاللهعليهوسلم ببسم الله الرحمن الرحيم! وكما ترى فإنها جميعا أسباب واهية ، فما ضرر بسم الله الرحمن الرحيم لتحذف منها إن كانت السورة سخطة أو نقمة؟ وما معنى أن الرسول صلىاللهعليهوسلم توفى ولم يأمر ببسم الله الرحمن الرحيم فى بدايتها؟ أليست العادة أن كل سورة تبدأ ببسم الله الرحمن الرحيم دون أن يذكر أن النبىّ صلىاللهعليهوسلم خصّها بذلك أو لم يخصها؟ وكيف تكون قصة الأنفال شبيهة بقصة براءة ، مع أن كل قصة وكل سورة لها مقاصدها وغاياتها وتوجهاتها ، وكانت الأنفال لعموم المسلمين بشأن الحرب والمغانم ، بينما براءة لإلغاء العهد مع المشركين ، وإدانة أهل الكتاب وفضح المنافقين؟! ومن الواجب إذن تصحيح هذا الوضع ، فبسم الله الرحمن الرحيم تشرف بها سور القرآن ، وهى جزء من كل سورة ، وموجز لكل سورة مهما كانت موضوعات السورة ، وتلخص دعوة الإسلام فى التوحيد ، وتعرّف باسم الله ، وبأشرف أسمائه تعالى. فما ذا عليها أو على السورة لتحرم من هذا الشرف الكبير؟! وربما يكون الإصرار على حذفها تذكيرا بتاريخ هذا الخلاف ، فإن أدرجت ضمنها «بسم الله الرحمن الرحيم» ينسى هذا التاريخ ويسقط من ذاكرة المسلمين.
وسورة براءة بلاغ للمشركين والكفار من أهل الكتاب والمنافقين ، وتنبيه لهم ، وإعلان للحرب على الشرك والكفر والنفاق ، ولو لا نزول سورة براءة لما استشعر المشرك أنه مشرك ، ولا الكافر من أهل الكتاب أنه كافر ، ولا المنافق أنه مفسد فى الأرض ، ولاستمر