وفى سورة الأعراف عن قصة الخلق للسماوات والأرض فى ستة أيام. وتناولت السورة قصص الكثير من الأنبياء بإسهاب ، منهم نوح : الذى أنجاه الله ومن معه فى الفلك وأغرق المكذّبين ؛ وهود : الذى أرسل لقوم عاد فجادلوه فى آلهتهم ، فأنزل الله غضبه عليهم ، وقطع دابرهم ، وأنجاه والذين معه برحمة منه ؛ وصالح : الذى أرسل إلى قوم ثمود ، فعقروا الناقة ، وعتوا عن أمر ربهم ، فأخذتهم الرجفة ، فأصبحوا فى ديارهم جاثمين ؛ ولوط : الذى أنكر على قومه أن يأتوا الذكران ، وما سبقهم بها من أحد ، فهددوه وأهله بالإخراج ، لأنهم يتطهّرون ، فأنجاه الله إلا امرأته ، وأمطرهم حجارة دمرتهم تدميرا ؛ وشعيب : الذى دعا قومه إلى الله ، وأن يوفّوا الكيل والميزان ، ولا يبخسوا الناس أشياءهم ، ولا يفسدوا فى الأرض بعد إصلاحها ، فلما يئس منهم دعا عليهم : (رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ) (٨٩) ، فأخذتهم الرجفة فأصبحوا فى ديارهم جاثمين. فلو أن أهل كل هذه القرى آمنوا واتقوا ، لفتح الله عليهم بركات من السماء والأرض ، ولكن كذّبوا ، فأخذهم بما كانوا يكسبون. وبعث الله موسى إلى فرعون وملائه ، فظلموا بها ، فأخذهم بالسنين ، وهو الجدوب ، وأرسل عليهم الطوفان ، والجراد ، والقمّل ، والضفادع ، والدّم ، آيات مفصّلات ، فكانوا قوما مجرمين ، فانتقم الله منهم وأغرقهم فى اليم بأنهم كذّبوا بآيات الله وكانوا عنها غافلين.
وتحكى السورة عن قوم مرّ بهم بنو إسرائيل ، وكانوا يعكفون على أصنام لهم ، فأراد بنو إسرائيل أن يكون لهم مثلها ، وما دروا أن هؤلاء متبّر وهالك وباطل ما هم فيه ، وغاب عنهم موسى أربعين ليلة ، وعاد ليجدهم قد صنعوا عجلا من ذهب عبدوه ، ثم عفا عنهم ، ونسخ ألواح التوراة ، وفيها من كل شىء موعظة ، وتفصيل لكل شيئ ، هدى ورحمة للذين هم لربّهم يرهبون ، ولكنهم طلبوا أن يروا الله جهرة ، فأخذتهم الصاعقة ، ودعا موسى ربّه أن يغفر لهم ويرحمهم فقد هادوا إليه ، فما كان جوابه تعالى إلا قوله : (قالَ عَذابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ) (١٥٦) ، قيل سيكتبها ، أى مستقبلا ، ويخصّ بها الأمة التى من أوصافها : (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَ) (١٥٧) ، فخلص هذا الوعد لأمة محمد صلىاللهعليهوسلم ، رسول الله الأمى إلى الناس كافة ، من لدن ربّ العالمين ، لا إله إلا هو ، وتقطّع بنو إسرائيل اثنى عشر سبطا ، وآتاهم من فضله ، ولكنهم كانوا أنفسهم يظلمون ، ومنهم قرية أصحاب السبت ، تحايلوا على شرع الله ، ونسوا ما ذكّروا به ، فأخذهم بعذاب بئيس ، وصاروا قردة خاسئين ، وقطعهم فى الأرض أمما ، فخلفوا خلفا يأخذون عرض الأدنى ، ويقولون إن الله واثقهم أن يغفر لهم مهما كان ما فعلوه!