العجز الجنسى ، وأنكروا نبوة عيسى واضطهدوه واضطهدوا الحواريين ؛ والنصارى غلوا فى التوراة ، فأبطلوا الكثير من الناموس ، وغلوا فى عيسى فجعلوه إلها ، والغلو هنا وهناك ، سواء كان إفراطا أو تقصيرا ، كله سيّئ وكفر ، ولذا قال الشاعر :
ولا تغل فى شىء من الأمر واقتصد |
|
كلا طرفى قصد الأمور ذميم |
وقال آخر :
عليك بأوساط الأمور فإنها |
|
نجاة ولا تركب ذلولا ولا صعبا |
وفى صحح البخارى قال صلىاللهعليهوسلم : «لا تطرونى كما أطرت النصارى عيسى ؛ وقولوا عبد الله ورسوله».
* * *
٥٤٦. اليهود والنصارى متخالفون
اليهود والنصارى كلاهما يدّعى أنه على الحق والثانى على الباطل ، كقوله تعالى : (وَقالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ وَقالَتِ النَّصارى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتابَ) (البقرة ١١٣) ، واليهود ينكرون الأناجيل تماما ، وبعضهم ينكر أنه وجد أصلا نبىّ باسم عيسى أو يسوع ، والنصارى أنكروا على الفريسيين ، وهدموا الناموس ، وأبطلوا السبت ، وقالوا إن الربّ يدين اليهود ، وأن الشريعة للخطاة فقط ، وأنه فى الآخرة بعث وحساب ، وجزاء وعقاب ، وجنة وجهنم ، على خلاف ما يقول اليهود.
* * *
٥٤٧. اليهود والنصارى إيمانهم مبتدع
معنى الابتداع فى حالتى اليهود والنصارى أنهم أوجدوا شيئا غير مسبوق ففصلوا بين الإيمان بالله وبين التصديق برسله ، وآمنوا ببعض رسله وكفروا ببعضهم ، فقال تعالى فيهم : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً (١٥٠) أُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ حَقًّا) (النساء) ، فاليهود كفروا بعيسى ومحمد ، والنصارى كفروا ببعض موسى وبمحمد ، فنصّ الله تعالى على أن التفريق بين الله ورسله كفر ، لأنه فرض على الناس أن يعبدوه بما شرع لهم على ألسنة الرسل ، فإذا جحدوا الرسل ردّوا شرائعهم ولم يقبلوها منهم ، فكان جحدهم كجحد الصانع سبحانه ، وجحد الصانع كفر لما فيه من ترك الطاعة. وكان دينهم لذلك دينا مبتدعا طالما حقيقته الجحد. وأما المسلمون فقد علّمهم الله حقيقة الإيمان فقال لهم : (قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى