الآخرين مخرج عيالى يحدوه الحقد على الآخرين والحسد لما فى أيديهم. والسعادة فى الإسلام : هى تحصيل الحكمة ، وهى الخير الأسمى ، وهى مطلب لكل العاقلين لا يحرّمها جنس أو عرق ، أو شعب أو أمة ، ولكنها متاحة للجميع بقدر الرغبة فيها والسعى لها. ومعرفة الله وطاعته سعادة ، والناس لا تكون أسعد لأنها أحكم من الآخرين ، ولا لأن الآخرين حرموا السعادة ، ومن يفرح لسعادته ولشقاء الآخرين هو الحسود الشرير ، واليهود حسودون ، وتوراتهم تطفح بالحسد والحقد ، وكانوا وما يزالون يحسدون كل الشعوب ، وطمعوا فى أرض كل الأمم ، حتى وعدهم يشوع بن نون بكل أرض تطؤها قدم يهودى ، فلم يعرفوا السعادة الحقيقية منذ ذلك اليوم ، ولم يذوقوا طمأنينة النفس ، وراحة الضمير. ولقد كذب اليهود فى التوراة عند ما وصفوا ما أعطاه الله لسليمان ، بأنه الحكمة البالغة فقال : «قد أعطيتك قلبا حكيما فهيما حتى إنه لم يكن قبلك مثلك ولا يقدم بعدك نظيرك» (الملوك الثانى ٣ / ١٢) فكأنه لم تكن لأحد سواه حكمته ، ولا يمكن أن يوجد مستقيلا من هو أعظم منه حكمة ، وحتى كتاب «الأمثال» الذين يزعمون أنه كتابه (كتاب سليمان) ليس إلا تجميعا للأمثال العامية المنقولة عن مصر وأدوم وآشور. وكذلك كتاب «الجامعة» فإنه رغم غموضه فإنه أبعد عن أن يكون من تأليفه ، وليس تحفة فى الحكمة. وكذلك كتاب «الأناشيد» ، لا يمكن أن يكون سليمان هو واضعه لما فيه من كلمات إيرانية تجزم بأن تأليف الكتاب كان بعد السبى ـ أى بعد زمن سليمان. وهذه الكتب ـ حتى لو سلّمنا أن سليمان واضعها ، فما علمنا منها ما هى حكمته ، وما ذا أفادت اليهود أو الناس أجمعين؟ بل إن الله يبدو قد غضب على سليمان ، فأزال ما بنى ، وهدم ما فاخر به. ودخلت الشعوب مدن إسرائيل ، وعاد الفلسطينيون أهلها إليها. فكأن العنصرية والأفضلية لم تورّث اليهود إلا الهمّ وبغض الشعوب والناس ، وغضب الله. وفى الإسلام عن أنس بن مالك ، أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى حديث الإسراء قال : «فأتانى جبريل بإناء من خمر وإناء من لبن ، فاخترت اللبن ، فقال جبريل أصبت الفطرة» ، والإسلام لذلك يحرّم الخمر وتحللها اليهودية ، كقول التوراة : «وأنفقها فى جميع ما تشتهى نفسك من بقر وغنم وخمر ومسكر» (تثنية الاشتراع ١٤ / ٢٦). والخمر تذهب العقل ، واليهودى لذلك عنيف ووسيلته الدحر والخيانة والختل. وفى التوراة أن اليهود أذلّوا سبع أمم (تثنيه الاشتراع ٧ / ١) ، وكل مدينة فتحوها دمّروها وقتلوا رجالها ونساءها وأطفالها (تثنية الاشتراع ٣ / ٧). والخمر تبدّل خلق الله ، وليس كذلك اللبن. والناس يولدون على الفطرة ، واللبن طعام الفطرة للطفل والمسنّ والبالغ ، وللضعيف والقوى ، وعن أبى هريرة