له : (هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ) (الحج ٧٨) ، وهم الذين يعبدونه ويتّقونه من كافة الشعوب والأعراق ، (الحج ٧٨) ، اجتباهم ، وجعلهم أمة تتوسط الأمم (البقرة ١٤٣). واليهودية ـ بمصطلحات العصر ـ دين خصخصة ، والإسلام دين عولمة ؛ واليهودى مواطن إسرائيلى ، والمسلم مواطن عالمى ؛ والإسلام دين منفتح ، واليهودية ديانة منغلقة على نفسها ؛ والتوراة كتاب فى القومية والحضّ على الغزو والفتح ، إشباعا للاستيلاء ، واستكبارا فى الأرض ، والقرآن كتاب فى التوحيد ، ودعوة للخير ، وللإخاء والمساواة ، ولإحقاق الحق ، ورفع الظلم ، وللأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ؛ والعلم الذى يدعو إليه التوراة علم جزئى ، يستهدى التعصّب ، ويرسّخ التمييز والاستعلاء ، والعلم فى القرآن نظرة شاملة ، وبحث متكامل فى الطبيعة والوجود ، بنور الفطرة والعقل ؛ والمعرفة التى يتحصّلها اليهود تمنحهم معرفة عنصرية مضلّلة ، يمليها الهوى والغرض ، واتجاهها لذلك إلى السحر والاختراعات من نوع ما عرفه الله فيهم : أن يتحول العصا إلى حيّة ، وأن ينفلق البحر ، وأن يصنعوا قنبلة تميز العرب عن غيرهم وتقتلهم دون غيرهم ؛ والديانة الوحيدة التى يقرّها التوراة هى اليهودية ، وأما ديانات الأمم فهى أضاليل عند اليهود. وفى القرآن لا يكتمل إيمان المسلمين إلا إذا أقرّوا بما تنزّل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط ، وما أوتى موسى وعيسى والنبيون من ربّهم ، والمسلمون لا يفرّقون بين أحد من هؤلاء الأنبياء والرسل ، والحاكم فى إيمانهم جميعا هو الإقرار بوحدانية الله ؛ وديانة اليهود لذلك ديانة خاصة بهم ، وديانة الإسلام ديانة عامة للبشر جميعا ؛ والوحى فى اليهودية من الله مباشرة ووجها لوجه مع موسى ، وفى الإسلام الوحى بالواسطة ؛ ولم يدّع محمد صلىاللهعليهوسلم أنه رأى الله ، ولجوؤه دائما إلى العقل ، واحتكامه للفهم والتمييز. وينكر اليهود أن يكون محمد نبيا ، بدعوى أن النبوة فى اليهود وحدهم ، وتلك أثرة مفرطة ، فالنبوة حكمة ، والحكمة ليست احتكارا لشعب دون شعب. ويقول اليهود إن الله عقد معهم عقدا أبديا ، وأنه فضّلهم على العالمين ، فمهما فعلوا وأفسدوا هم فى رعاية الله ، وفى الإسلام أن الله يتعاقد فقط مع من يؤمن به ويعمل صالحا ، وطالما المؤمن مؤمنا فهو فى رعاية الله ، فإذا أفسد فى الأرض زالت عنه رحمة الله وفسخ التعاقد. وادعاء اليهود أنهم الأفضل ، وأنهم يرثون الأرض وما عليها اعتقادا منهم أنهم أولاد سارة : السيدة ، بينما العالم كله أولاد هاجر : الأمة ، يشبعون بذلك أثرتهم وأنانيتهم ، وكأن الغنم كله قد قدر لهم ، والغرم كله مقدور على غيرهم ، وكأن السعادة هى حظّهم فى الحياة وإلى الأبد ، والحرمان هو حظّ العالمين ، وفلسفتهم فى ذلك مادية ، فكلما كانت مغانمهم أكثر كانت سعادتهم أكبر ، والفرح بالسعادة لأنها ليست من نصيب