الإسرائيليات ، فلا يفحصها ويدقق فيها ، ويروى الصحيح منها والباطل ، ولا يميز بينهما ، فمثلا فى الآية : (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخاسِرِينَ) (٣٠) (المائدة) ، قال عن ابن جرير وابن عساكر عن سالم بن أبى الجعد : أن آدم لمّا قتل أحد ابنيه الآخر ، مكث مائة عام لا يضحك حزنا عليه ، حتى كان رأس المائة فبشّروه بغلام ، فعند ذلك ضحك. وروى عن ابن جرير منسوبا إلى علىّ بن أبى طالب : لمّا قتل ابن آدم أخاه ، بكى آدم وقال :
تغيّرت البلاد ومن عليها |
|
فلون الأرض مغبر قبيح |
تغيّر كلّ ذى لون وطعم |
|
وقلّ بشاشة الوجه المليح |
فأجيب بهذه الأبيات :
أبا هابيل قد قتلا جميعا |
|
وصار الحىّ كالميت الذبيح |
وجاء بشرّة قد كان منها |
|
على خوف فجاء بها يصيح |
والسيوطى لم يراجع هذا الكلام ، ولم يطعن فيه ، وهو كلام مطعون فيه حقا ، لأن آدم لا يعرف الشعر العربى ، وشكّك فى الرواية أحمد والجوزجانى والبخارى ، ونقد الشعر الزمخشرى والقرطبى والآلوسي ورشيد رضا ، وقالوا الشعر منحول ملحون ، وقال ابن كثير : هذا الشعر فيه نظر ، فقد يكون آدم قد قال كلاما يتحزّن به فألّفه بعضهم شعرا. وقال القرطبى : آدم ما قال الشعر ، وقال الآلوسي عن ابن عباس : من قال إن آدم قد قال شعرا فقد كذب. ـ ولم ير السيوطى بأسا أن يذكر هذه الروايات المكذوبة ، وأن يسرد من الإسرائيليات الباطلة فى قصص أيوب وداود ما جعله موضع نقد شديد ، وإن كان قد نبّه فى تخريج الأحاديث إلى أنها إسرائيليات عن أهل الكتاب.
وفى قصة يأجوج ومأجوج ، يورد السيوطى حديثا لحذيفة قيل هو عن النبىّ صلىاللهعليهوسلم : أن يأجوج أمّة ، ومأجوج أمّة ، وكل أمة أربعة ألف أمة ، لا يموت أحدهم حتى ينظر إلى ألف رجل من صلبه ، كلّ قد حمل السلاح. قال : قلت يا رسول الله : صفهم لنا. قال : هم ثلاثة أصناف : صنف منهم أمثال الأرز. قلت : وما الأرز؟ قال : شجر بالشام ، طول الشجرة عشرون ومائة ذراع فى السماء. وصنف منهم عرضه وطوله سواء ، عشرون ومائة ذراع. قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : وهؤلاء الذين لا يقوم لهم جبل ولا حديد. وصنف منهم يفترش إحدى أذنيه ويلتحف الأخرى ، لا يمرون بفيل ، ولا وحش ، ولا جمل ، ولا خنزير ، إلا أكلوه ، ومن مات منهم أكلوه ، مقدمتهم بالشام ، وساقتهم بخراسان ، يشربون أنهار المشرق فى بحيرة طبرية!! وأمثال ذلك كثير من الأحاديث الموضوعة عند السيوطى ولا ينبّه إليها ، ولا يحذّر منها ، والحذر واجب من كتب التفسير من أمثال «الدر المنثور».