فيما يروى وينقل ، وخاصة إذا تعلّق الأمر بهؤلاء الدهاقين من رواة الإسرائيليات ومروّجيها ، كابن عباس ، وابن إسحاق ، والسدىّ ، والضحّاك ، وكعب الأحبار ، ووهب بن منبّه ، وعبد الله بن سلام وغيرهم.
* * *
٤٣٥. الثعلبى من المكثرين فى الإسرائيليات
من أكثر كتب التفسير إيرادا للإسرائيليات كتاب الثعلبى النيسابورى ، أحمد بن محمد بن إبراهيم ، أبى إسحاق ، المعروف باسم «الكشف والبيان عن تفسير القرآن» ، قال ابن خلكان يمتدح صاحبه دون تمحيص : كان أوحد زمانه فى علم التفسير ، وصنّف التفسير الكبير الذى فاق غيره من التفاسير. وقال ابن تيمية ينقده عن حق : كان الثعلبى حاطب ليل ينقل ما يوجد فى كتب التفسير من صحيح وضعيف وموضوع. وتلميذه الواحدى له التفسير البسيط ، والوسيط ، والوجيز ، وفيه غث وكثير من المنقولات الباطلة. ـ وكانت وفاة الثعلبى سنة أربعمائة وسبع وعشرين. وفى تفسيره للآية : (فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا) (يوسف ٨٠) ، قال : إن إخوة يوسف لما يئسوا من أن يجيبهم يوسف إلى ردّ أخيهم ، قال بعضهم لبعض : تعلمون أن أبانا قد أخذ علينا ميثاقا غليظا ، وقد عجزنا عن الإتيان به من جهة المسالمة ، فلا بد أن ندخل على الملك ، فإما أن يردّ علينا أخانا ، وإما أن نقاتل بالقوة التى ركّبها الله فينا ، وذلك أن بنى يعقوب كانوا من القوة بحيث إذا غضب واحد منهم اقشعر جلده ، وانتفخ جسده ، وظهرت شعرات ظهره من تحت الثوب حتى يقطّر من كل شعرة قطرة دم. وإن ضرب الأرض برجليه تزلزلت وتهدّم البنيان ، وإن صاح لم تسمعه حامل من الإنس والبهائم والطير إلا وضعت ما فى بطنها ، فلا يهدأ غضبه إلا أن يسفك دما أو تمسكه يد من نسل يعقوب! فإذا مسّته يد من نسل يعقوب سكن غضبه ، وذهبت قوته ، وصار كرجل من الناس. قال : وقال يهوذا لهم ـ وكان أشدّ إخوته غضبا : إما أن تكفونى الملك ومن معه فأكفيكم أهل مصر ، وإما أن تكفونى أهل مصر! فبعث واحدا من إخوته ، فعدّوا أسواق مصر ، فوجدوا فيها تسعة أسواق ، فأخذ كل واحد منهم سوقا. ثم إن يهوذا دخل على يوسف وقال : يأيها العزيز ، إن رددت علىّ أخى حمدناك وشكرناك ، وإن لم تردّه بالحسنى صحت صيحة لا تبقى بحضرتك حامل إلا وضعت ما فى بطنها ، ورأيت منا ما تكره! ـ وأغضبه يوسف وأسمعه كلمة فظيعة ، فغضب يهوذا واشتد غضبه ، وانتفخ جسده ، وصار من الحمية والانتفاخ بحيث لا يشبه الناس ، فلما علم يوسف أن غضبه قد تمّ ، قال لابن له صبى : يا بنىّ ، اذهب إلى ذلك الرجل القائم فأتنى به ؛ فلما