ابن منبه كما أسلفنا ، وأقواله فيها لا فائدة منها ولا دليل عليها من قرآن أو سنّة ، وإنما هى من الموضوعات الإسرائيلية.
ومن أسوأ ما تطرّق إليه مقاتل تفسيره لآيات زواج النبىّ صلىاللهعليهوسلم من زينب بنت جحش ، فى قوله تعالى : (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً) (٣٧) (الأحزاب) قال : إن النبىّ صلىاللهعليهوسلم أتى زيدا يوما يطلبه ، فأبصر زينب بيضاء جميلة جسيمة! وقال إن الهواء رفع سترها ، وكانت زينب متفضّلة (يعنى تلبس ملابس البيت) فى منزلها ، فرآها فوقعت فى نفسه! ـ وهذا الكلام ظل المستشرقون يردّدونه عنه ، وردّده اليهود والنصارى ، والعلمانيون والتنويريون ، وأصحاب الملل والنحل ، وأعداء الإسلام جميعا ، وذلك لأن تفسير مقاتل هو أقدم تفسير معروف ، فكان له هذا التأثير المدمّر ، وتناقل المبغضون للرسول صلىاللهعليهوسلم كلامه ونشروه وشنّعوا به ، مع أنه فرية أعظموها عليه ، وليس لها سند واحد من حقيقة ، كما سيجىء من بعد عند مناقشة هذه التشنيعة عن الإسلام. وإنى لأعجب كيف يقول الإمام الشافعى من بعد عن مقاتل : الناس عيال فى التفسير على مقاتل!!؟ وكيف يمتدحه عبد الله بن المبارك فيقول عن علمه : يا له من علم لو كان له إسناد!! ويقول : ما أحسن تفسيره لو كان ثقة!!
وأقول : ما هو العلم فيما يقول؟ وما الحسن فيما يفترى ويكذب وينقل من الإسرائيليات؟ ولقد ورد عنه أنه مجسّم ومشبّه ، وكذّاب ، ووضّاع ، ولا ثقة فيه!
* * *
٤٣٤. الطبرى وكتابه «جامع البيان فى تفسير القرآن»
هو : أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبرى ، نسبة إلى طبرستان ، حيث ولد بآمل سنة ٢٢٤ ه ، وتوفى ببغداد سنة ٣١٠ ه ، وكان مؤرّخا ومفسّرا وفقيها جامعا لأشتات العلوم ؛ قيل : كان كالقارئ الذى لا يعرف إلا القرآن ، وكالمحدّث الذى لا يعرف إلا الحديث ، وكالفقيه الذى لا يعرف إلا الفقه ، وكالنحوى الذى لا يعرف إلا النحو ، وأشهر ما اشتهر به : الفقه والتفسير والحديث والقراءات. وتفسيره من أقدم التفاسير ، وهو مرجع المفسرين النقليين والعقليين على السواء ؛ ومن أقوال النووى : أن كتابه «جامع البيان» قد أجمعت الأمة أنه لم يؤلّف مثله ، وهو أصحّ التفاسير ، ودائرة معارف ، ومع ذلك فلم يخل من الإسرائيليات ، بل إنه يكثر منها ، ولكنه يسندها إلى أصحابها ، وقد يناقشها أحيانا. وعدّ