مخصوص بقوله تعالى : (وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ) (الطور ٢١) ، وبقوله : (ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ) (آل عمران ٣٤).
* * *
٤٢١. الإسلام : أيّه أفضل؟ وأيّه خير؟
فى الحديث عن ابن عمرو أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه» رواه البخارى ، وقيل الألف واللام فى المسلم : للكمال ، كقولنا : «زيد الرجل» أى الكامل الرجولة. وفى الحديث : أن من يسلم الناس من لسانه ويده ـ مع مراعاة باقى أركان الإسلام ـ فهو من أفضل المسلمين ؛ أو أن من علامات المسلم التى يستدل بها على إسلامه أن يسلم الناس من لسانه ويده ؛ أو أن الحديث تنبيه إلى أن من يحسن التعامل مع الله فأولى به أن يحسن معاملة الناس. والحديث يخصّ المسلمين بهذه المعاملة الكريمة من المسلم ، لأنه وقت الرسول كان الكفار يؤذون المسلمين ولم يكفّوا عن إيذائهم ، فقصر القول على المسلمين دونهم ، وفى غير ذلك فإن الحديث عام ويشمل الناس جميعا ومنهم المسلمون. والإتيان بجمع التذكير فى الحديث لا ينفى شموله للمسلمات وللنساء جميعا ، وليس اقتصاره على جمع التذكير إلا للتغليب ، حيث الذكور أكثر من الإناث دائما. واختصاص اللسان بالذكر لأنه المعبّر عمّا فى النفس ، وكذلك اليد دون بقية الجوارح لأن أكثر الأفعال بها. واللسان يقول فى الماضين والموجودين والحادثين ؛ واليد تشارك اللسان بالكتابة ؛ وقد يضرب بها صاحبها دفاعا عن نفسه أو زودا عن حق ؛ وقد يخرج المرء لسانه دون القول استهزاء ؛ ومن معانى اليد المعنوية الاستيلاء على حق الغير. وفى معنى «المسلم المهاجر» أن الهجرة ضربان : ظاهرة وباطنة ، فالباطنة هى ترك ما تدعو إليه النفس الأمّارة بالسوء ، والظاهرة هى أن يفر المرء بدينه فرار المسلمين الذى هاجروا من مكة إلى المدينة ، أو فرارهم عموما بدينهم من الفتن أيا كانت. والحديث ينبّه إلى أن حقيقة الهجرة تحصل لمن هجر ما نهى الله عنه. وفى رواية أخرى عند ابن حبان : «المهاجر من هجر السيئات ، والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده» ، والمراد «بالناس» هنا كل الناس ، مسلمين وغيرهم ، وإن كان الإطلاق يحمل عادة على الكامل وهم المسلمون ، لأن الكمال فيهم ، والأولى أن يحمل المعنى على العموم.
وفى رواية أخرى للحديث عند البخارى ومسلم عن أبى موسى ، وعن أبى ذر عند ابن حبّان ، قال : قالوا : يا رسول الله ـ أىّ الإسلام أفضل؟ قال : «من سلم المسلمون من لسانه ويده» ، فبحسب الجواب فإن سؤالهم كان : أى المسلمين أفضل؟ لأنه فى الإسلام