بلسانها النبىّ صلىاللهعليهوسلم : «نحن الآخرون الأولون». والقول بشهادة هذه الأمة الوسط ، لأن وسطيتها تعنى عدولها ، ولا تكون الشهادة إلا للعدول من الناس ، أى المعروف عنهم العدل ، وبإجماعهم ، يعنى أن يشهد ثقات العصر ككل على من بعده من العصور ، فقول الصحابة حجّة على التابعين ، وقول التابعين حجّة على من بعدهم ، وهكذا.
* * *
٤٢٠. أركان الإسلام الخمس
فى الحديث عند البخارى عن ابن عمر : بنى الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وإقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، والحج ، وصوم رمضان» وهذه الخمس هى الأركان ، أو الأصول ، وتستفاد من الآيات المتناثرة فى القرآن ، كقوله تعالى : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) (آل عمران ١٨) ، وقوله : (نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ) (المنافقون ١) ، وقوله : (قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ) (إبراهيم ٣١) ، وقوله : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) (البقرة ٤٣) ، وقوله : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ) (البقرة ١٨٣) ، وقوله : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) (آل عمران ٩٧). والركن الأول هو أهمها جميعا ، لأن الأربعة الأخرى سواه مبنية على الشهادة ، فلا يصحّ شىء منها إلا بعد الشهادة ، ومجموعها غير من حيث الانفراد ، وهى عين من حيث الجمع ، ومثال ذلك بيت الخيمة ، يجعل على خمسة أعمدة ، أحدها أوسط ، والبقية أركان ، وما دام الأوسط قائما فمسمى البيت موجود ولو سقط مهما سقط من الأركان ، فإذا سقط الأوسط سقط مسمى البيت ، فالبيت بالنظر إلى مجموعه شىء واحد ، وبالنظر إلى أفراده أشياء ، والأساس فيه يسمى الأسّ ، وغير الأساس هو الأركان ، وهى تبع وتكملة. والمراد بالشهادة : تصديق الرسل فيما جاءوا به ، فيستلزم جميع ما ذكر من المعتقدات ، كالجهاد فى سبيل الله ، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، وعمل الصالحات ؛ واقتصاره على هذه الخمس من باب تسمية الشيء ببعضه ، كما تقول قرأت الحمد وتقصد الفاتحة ، أو تقول : شهدت بمحمد وتريد جميع ما ذكر. وإقامة الصلاة تعنى المداومة عليها ، أو مطلق الإتيان بها ؛ وإيتاء الزكاة إخراج جزء من المال على الوجه المخصوص لذلك ؛ والحج : قدّم فى الحديث على الصوم ، وعند مسلم قدّم الصوم على الحج ، ولما قال رجل لابن عمر : والحج وصيام رمضان ، قال له : لا ، «صيام رمضان والحج» ، هكذا سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
والخلاصة : أن الحديث يخصص عموم مفهوم السنّة بخصوص منطوق القرآن ، فمن يباشر ما عدّده الحديث فإسلامه صحيح ، ومن لم يباشره لم يصحّ إسلامه ، وهذا العموم