أبناءهم يهودا أو نصارى ، أى يطبّعونهم ، وأما «صبغة الله» فهى الإسلام ، لأنه دين الفطرة ، فكان ابتداء الخلق بالإسلام : يستسلمون لله. وأصل استخدام اصطلاح «صبغة» ، أن اليهود والنصارى كانوا يصبغون أولادهم فى الماء ، وهو ما يسمونه المعمودية بمختلف اللغات : Baptismus; baqtismos; baptism; baptisme; ، ثم آلت المعمودية للنصارى دون اليهود ، وكان هؤلاء وهؤلاء يقولون إن المعمودية تطهير للأبناء ، والنصارى يفعلون ذلك بعد سبعة أيام من الولادة ، بغمس الطفل فى الماء : ماء المعمودية ، فيطهّر به ، فإذا فعلوا ذلك صار الطفل نصرانيا حقا ، فردّ الله تعالى ذلك بأن الماء لا يطهّر طفلا فيجعله على دين معين ، وأن الإيمان بالدين يكون فى الرشد ، وجعل الإيمان فى الإسلام بنطق الشهادة لمن بلغ سن النضج ، فمن أراد الإسلام فليقل : «لا إله إلا الله» فهذه هى الصبغة ، وقوله لا يصح منه إلا إذا رشد وصارت له الإرادة ، وأصبح له الاختيار ، ومن ثم انتهت الآية بقوله : (وَنَحْنُ لَهُ عابِدُونَ) (البقرة ١٣٨) ، حيث العبادة لا تكون إلا عن فهم ووعى ورشد ، وبعد النطق بالشهادة.
* * *
٤١٧. الله تعالى سمّى المسلمين
فى قوله تعالى : (هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هذا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ) (الحج ٧٨) : أنه تعالى سمّى المسلمين بهذا الاسم ، وأجراه على لسان الأمم (الأعراف ٢١٦ ، والأنبياء ١٠٨ ، والمائدة ١١١ ، والجن ١٤) ، وحتى فرعون شهد بأنه من المسلمين (الأعراف ٩٠) ، ودعا إبراهيم وإسماعيل ربّهما أن يجعلهما مسلمين له ، ومن ذريتهما أمة مسلمة له (البقرة ١٢٨). غير أن سبق التسمية «بالمسلمين» كان لأمة محمد ، وكان محمد صلىاللهعليهوسلم «أول المسلمين» ، قال : (وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) (الأنعام ١٦٣). ومعنى قوله تعالى : (هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ) (الحج ٧٨) : أنه أعطاهم هذا الاسم قبل أية أمم أخرى ، فلم يكن لأتباع أى نبىّ اسم إلا أتباع محمد صلىاللهعليهوسلم ، ولم يذكر أى كتاب سماوى اسما لاتباع ديانة هذا الكتاب إلا القرآن ، وقبل القرآن لم يأت ذكر لاسم أية ديانة. وفى القرآن أيضا ورد لأول مرة اسم الإسلام : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) (آل عمران ١٩).
* * *
٤١٨. الإسلام يعولم الديانة
الديانة العالمية هى دعوة المسلمين والإسلام ؛ وعالمية الإسلام توجزها الآية : (قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى