٤٠٠. إذا اقتربت الساعة تنزع البركة من كل شىء
من حديثه صلىاللهعليهوسلم : «لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان ، فتكون السنة كالشهر ، والشهر كالجمعة ، والجمعة كاليوم ، ويكون اليوم كالساعة ، وتكون الساعة كاحتراق السعفة» ، أى كأنها لمحة ، والمراد نزع البركة من كل شىء حتى الزمان ، فتقصر الأيام ، وتمضى الشهور والسنون سراعا ، وهذا القصر معنوى ، وقال : «فإنه لا يأتى عليكم زمان إلا والذى بعده أشرّ منه» ، وقال : «ستكون فتن ، القاعد فيها خير من القائم ، والقائم فيها خير من الماشى ، والماشى فيها خير من الساعى. من تشرّف لها تستشرفه ، فمن وجد منها ملجأ أو معاذا فليعذ به» ، ومعنى تستشرفه تهلكه بأن يشرف منها على الهلاك. وهذه الأحاديث ينبغى أن نقابلها بالشك ، والصواب أن يقال : إن الفتنة أصلها الابتلاء ، وإنكار المنكر واجب على كل من قدر عليه ، فمن أعان المحقّ أصاب ، ومن أعان المخطئ أخطأ.
* * *
٤٠١. الإسلام والقرآن فى آخر الزمان
فى الحديث أن الإسلام فى آخر الزمان : «يدرس كما يدرس وشى الثوب ، حتى لا يدرى ما صيام ، ولا صلاة ، ولا نسك ، ولا صدقة ، ويسرى على الكتاب ـ يعنى القرآن ـ فلا يبقى فى الأرض منه آية» ؛ والقرآن : «ينزع من بين الظهور ويسرى عليه ليلا فيذهب فى أجواف الرجال فلا يبقى فى الأرض منه شىء» ، «فمن أنكر برىء ، ومن كره سلم». ومن علامات الساعة : «أن الهداة فى آخر الزمان يهدون بغير هدى ، وتعرفون منهم وتنكرون» ، فإذا عاينا ذلك : «فلنلزم جماعة المسلمين وإمامهم ، وإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام ، فلنترك تلك الفرق كلها ، ولو أن نعض بأصل شجرة حتى يدركنا الموت ونحن على ذلك» ولزوم الجماعة : لأنه كما قال الرسول صلىاللهعليهوسلم : لم يكن الله ليجمع أمة محمد على ضلالة» والجماعة التى تلزمها ليست أى جماعة ، وإنما المقصود أنها الجماعة المستنيرة ، أو جماعة أهل العلم الرافضة للظلم ، والمطالبة بالإصلاح والتغيير وسئل صلىاللهعليهوسلم : فكيف إذا بقينا فى حثالة من الناس ، قد مرجت (أى فسدت) عهودهم وأماناتهم واختلفوا؟ قال : «عليك بخاصتك ودع عنك عوامهم». وسئل : فكيف تأمرنا؟ قال : «تأخذ بما تعرف وتدع ما تنكر ، وتقبل على خاصتك ، وتدع عوامهم» وكما ترى فالفتن فى آخر الزمان ابتلاء واختبار ، وفى الحديث : «لا تكرهوا الفتنة فى آخر الزمان ، فإنها تبير المنافقين» أى تهلكهم ، وربما كنا الآن فى زمن الفتنة التى تموج موج البحر ، والتى يصبح الناس فيها كالبهائم لا عقول لهم ، وفى زماننا هذا ذهبت عقول أكثر الساسة وأولى الأمر ، والمسلم لا تضرّه الفتنة ما عرف دينه ، والفتنة لا تقوم إلا إذا اشتبه الحق والباطل ، والذين