ذلك؟ قال : «لا ، ما أقاموا الصلاة ، وقال : «وإذا رأيتم من ولاتكم شيئا تكرهونه فاكرهوا عمله ، ولا تنزعوا يدا من طاعة»؟!! فهل نطيع فى الظلم والشرّ والمفسدة؟! وفى الحديث : أن جبريل قال للنبىّ صلىاللهعليهوسلم : إن أمتك مفتتنة من بعدك. فقال : «من أين»؟ قال : من قبل أمرائهم وقرّائهم (أى علمائهم). يمنع الأمراء الناس الحقوق ، فيطلبون حقوقهم فيفتنون ، ويتبع القرّاء هؤلاء الأمراء فيفتنون. قال : «فكيف يسلم من سلم منهم»؟ قال : بالكفّ والصبر. إن أعطوا الذى لهم أخذوه ، وإن منعوه تركوه» ـ وأقول : أليست تلك دعوة إلى السلبية؟ وأين تاريخ الأمم فى النضال؟ والتاريخ ليس إلا تاريخ منازعات المضطهدين والمظلومين لظالميهم من سائر المجتمعات والدول والأنظمة والحكّام؟! وفى حديث آخر قال صلىاللهعليهوسلم : «إنكم سترون بعدى أثرة وأمورا تنكرونها» ، قالوا : فما تأمرنا؟ قال : «أدّوا إليهم حقّهم وسلوا الله حقّكم» ، وأقول : فكيف نؤدى إليهم حقّهم ، وهم لا يكتفون بحقهم ، وإنما يستولون أيضا على حقنا؟! وقال صلىاللهعليهوسلم : «من كره من أميره شيئا فليصبر ، فإنه من خرج من السلطان شبرا مات ميتة جاهلية»!! وقال : «من خلع يدا من طاعة لقى الله ولا حجة له ، ومن مات وليس فى عنقه بيعة مات ميتة جاهلية» ، يعنى مات على ضلال وعاصيا ، وخلاصة هذه الأحاديث : وجوب طاعة الحاكم ، وترك الخروج عليه ، والكفّ عن استنكار أعماله ، ونبذ المصادمة مع الشرطة حقنا للدماء ، وقيل : مسالمة أمراء الجور إنما لتسكين الدهماء ـ وهذا هو تفسير الفقهاء ، فعامة الناس وجموع الشعب دهماء فى عرفهم! ولم يستثن هؤلاء من هذا الإذعان المشين إلا فى أحوال الكفر الصريح ، فلا تجوز فى الكفر طاعة الحاكم ونظامه وحكومته ، بل تجب مجاهدته لمن قدر عليها ، ولم يعرّف لنا الفقهاء الكفر الصريح فى بلاد المفروض أنها تدين بالإسلام ، ويجعل ذلك الكثيرين يتشككون فى أحاديث الفتن هذه ويرتابون أن قائلها هو الرسول صلىاللهعليهوسلم حقا ، حتى قيل إنه قال : «اسمع وأطع إلى أن يصل إليك حقك بغير خروج عن الطاعة!!» وزيد فى الحديث : «وإن أكلوا مالك وضربوا ظهرك»؟!! فهل الرسول صلىاللهعليهوسلم قال ذلك فعلا؟ ومن ناحية أخرى هناك أحاديث تحقّ الحق وتوافق مطالب الناس وما يرجونه من الإسلام ، كما فى الرواية : «إلّا أن يكون معصية لله بواحا» ، والرواية : «ما لم يأمروك بإثم بواح» ، والرواية : «فلا طاعة لمن عصى الله». وقيل : إنه لا يجوز الخروج على الحكام الطغاة ، ما دام فعلهم يحتمل التأويل. وقيل : الشأن فى أمراء الجور أنه إن قدر الشعب على خلع الرئيس الجائر بغير فتنة وجب خلعه ، وإلا فالواجب الصبر. وقيل : إن عقد الرئاسة لطاغية مستبد لا يجوز ابتداء ، فإن أحدث جورا بعد أن كان عدلا فإنه لا جدال يجب الخروج عليه والدعوة لإسقاط حكمه ، لعموم مصلحة المسلمين. وفى الحديث : «هلاك أمتى على يد