٣٨٧. وصية إبراهيم لبنيه
قال الله تعالى : (وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (١٣٢) (البقرة) ، ووصيته إلى بنيه هى قوله فى الآية السابقة على هذه الآية : (إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) (١٣١) (البقرة) ، يعنى أن وصيته كانت بالإسلام ، وقبل ذلك قال تعالى فى إبراهيم : (وَلَقَدِ اصْطَفَيْناهُ فِي الدُّنْيا) (١٣٠) (البقرة) يعنى اصطفاه بأن قال له أسلم ، فأخلصه بالتوحيد وقول «لا إله إلا الله». والإسلام الذى أوصى به إبراهيم بنيه هو الإسلام الباطن ، أكمل الإسلام ، لأن الإسلام هو الخضوع والانقياد لله ، وهو معنى الإيمان ، فوصية إبراهيم هى الإيمان ، والإيمان أو الإسلام الباطن هو ما اختاره الله دينا لإبراهيم ، فاختاره بدوره لبنيه ، والدين هو الإسلام ، وقوله : (فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (١٣٢) (البقرة) أوجز وأبلغ وصية. ومعنى قوله (وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ) (١٣٢) (البقرة) أن الوصية كانت من إبراهيم لبنيه ، وانتقلت من أبنائه إلى أولادهم ـ أى أحفاد إبراهيم ، وهم هنا يعقوب ، ثم انتقلت من يعقوب إلى أولاده وهكذا ، فوصية إبراهيم إذن هى وصيته للأجيال ولكل الناس بعامة.
* * *
٣٨٨. وصية يعقوب لبنيه
فى الآية : (وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (١٣٢) (البقرة) أن الوصية صارت إلى يعقوب من أبيه إسحاق أو من جده إبراهيم مباشرة ، وهى نفسها وصية يعقوب لبنيه : (إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قالَ لِبَنِيهِ ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِلهاً واحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (١٣٣) (البقرة) ، فلمّا كان يعقوب فى النزع الأخير أوصى أولاده ـ وهم الأسباط الاثنى عشر ، وكانت وصيته تعليمية وليست وعظا كوصية إبراهيم ، والفارق هو فارق فى الأجيال ، وطريقة يعقوب عن طريق السؤال والجواب ، فسألهم : «ما تعبدون من بعدى؟» : أراد أن يتأكد أن تعليمه لهم قد أثمر ، فكانت إجابتهم هى نفس ما توقع ، وهى نفسها ما كان يريد أن يوصيهم به ، فقالوا : نعبد إلهك الذى هو إله الآباء ، وهو الإله الواحد ، فاعتقادنا هو التوحيد ، وديننا هو الإسلام.
* * *
٣٨٩. وصيته تعالى لقوم نوح ومحمد وإبراهيم وموسى وعيسى
فى الآية : (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ