٣٨٢. الملائكة المعقبات
فى الآية : (لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ) (١١) (الرعد) أن الملائكة أصناف ، ومنهم المعقبات ، يتعاقبون بالليل والنهار ، فإذا صعدت ملائكة الليل أعقبتها ملائكة النهار. والملائكة ذكران ، فيقال فى المفرد ملك معقّب ، وفى الجمع ملائكة معقّبة ، وفى جمع الجمع ملائكة معقّبات. والتعقّب هو العود بعد البدء كقوله : (وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ) (١٠) (النمل) أى لم يرجع. وفى الحديث : «معقبات لا يخيب قائلهن» يقصد التسبيح والتحميد والتكبير. والملائكة المعقبات وظيفتهم : حفظ العباد إلا من القدر ، فإذا جاء القدر خلّوا بين المرء وبين قدره ؛ و «من أمر الله» ، أى بأمر الله.
* * *
٣٨٣. الملائكة لا يستكبرون عن عبادته تعالى
قال الكافرون : الملائكة بنات الله ، وقال الله تعالى : (وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ) (١٩) (الأنبياء) فالملائكة والخلق جميعا لله ، فلا يجوز أن يشرك به ما هو عبده وخلقه ، ولا يستكبر الملائكة ولا يأنفون عن عبادته ، ولا يستحسرون ويعيون ، من الحسير وهو المنقطع بالإغناء والتعب ، يقال حسر ويحسر حسورا يعنى أعيا وكلّ ، وأحسرته فهو حسير ، قيل : لا يملون ولا يستنكفون من عبادته ، ولا يفترون ولا يسأمون.
* * *
٣٨٤. الملائكة يسبحون الليل والنهار
يخبرنا الله تعالى أن الملائكة فى تسبيح دائم له : (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ) (٢٠) (الأنبياء) وتسبيحهم إلهام ، يلهمونه كما يلهمون النّفس ، والتسبيح لهم بمنزلة النّفس : قالوا : (وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ) (٣٠) (البقرة) ، والتسبيح تنزيه عمّا لا يليق على وجه التعظيم ، ويشتق من السّبح وهو الجرى والذهاب ، كقوله تعالى : (إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلاً) (٧) (المزمل) ، يعنى هم يجرون على التسبيح دوما ، وتسبيحهم رفع الصوت بالذكر ، يقولون : «سبحان الله» ، وفى الحديث أنه تعالى اصطفى لملائكته ولعباده أن يقولوا : «سبحان الله وبحمده» ، وفى ليلة الإسراء كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يسمع تسبيحهم : «سبحان العلى الأعلى ، سبحانه وتعالى». والتسبيح ـ صنو الحمد والتقديس ، ويفيد التعظيم والتمجيد والتنزيه ، وهو صلاة : (فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ) (١٤٣) (الصافات) ، والمسبّحون هم المصلّون. وكان الرسول صلىاللهعليهوسلم فى ركوعه وسجوده يقول : «سبّوح قدّوس