٣٧٨. الله تعالى يكلّم البشر
فى القرآن : (وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً) (١٦٤) (النساء) ، وكلّم الله تعالى أنبياء دون أنبياء بحسب مقاماتهم ، كقوله : (مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ) (٢٥٣) (البقرة) ، وغالى السواد فتمنوا لو يكلمهم الله ليصدّقوا الأنبياء : (وَقالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لَوْ لا يُكَلِّمُنَا اللهُ) (١١٨) (البقرة). وكلامه تعالى مع البشر حدّده تحديدا علميا يجيزه العقل ، وجعله لذلك مقامات ، فقال تعالى : (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ) (٥١) (الشورى) ، فتارة يقذف الله تعالى فى روع النّبى وحيا لا يتمارى فيه أنه منه تعالى ، كما قال نبيّنا صلىاللهعليهوسلم بإخراج ابن حبان : «إن روح القدس نفث فى روعى أن نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها وأجلها ، فاتقوا الله وأجملوا فى الطلب». وقوله «نفث فى روعى» يعنى قذف فى قلبى. وقوله تعالى «أو من وراء حجاب» ، أى كما كلّم موسى عليهالسلام ، فإنه لما سأل الرؤية بعد التكليم حجب عنها. وعن جابر أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «ما كلّم الله أحدا إلا من وراء حجاب». وقوله تعالى : (أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ) (٥١) : (الشورى) أى كما كان جبريل وغيره من الملائكة إلى الأنبياء. فهذه هى المقامات الثلاثة تحديدا ولا شىء بعدها.
* * *
٣٧٩. دعواهم أن الجن شركاء الله
فى قوله تعالى : (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ) (١٠٠) (الأنعام) أنهم ـ أى الكفّار ـ جعلوا الجن شركاء الله مع أنه الذى خلق الجن وخلق البشر ، فكأنهم جعلوا من خلقه أندادا وشركاء له يطيعونهم كطاعة الله. والآية نزلت فى الزنادقة ، قالوا : إن الله وإبليس أخوان ، فالله خالق الناس والدواب ، وإبليس خالق الجان والشرّ والأشرار فى الكون ، وقولهم كقول المجوس ، قالوا : للعالم صانعان ، الإله القديم ، وهو إله الخير والنور ، والآخر محدث ، وهو إله الشر والظلام.
* * *
٣٨٠. اختلاقهم البنين والبنات لله
يقول الله عزوجل مخبرا عن النصارى واليهود : (وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَصِفُونَ) (١٠٠) (الأنعام) ، فإنهم لمّا لم يستوعبوا التوحيد ، وفكرة أن الله لا شريك له ، افتعلوا له البنين والبنات ، فقال النصارى : (الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ) (٣٠) (التوبة) ، وقال اليهود : (عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ) (٣٠) (التوبة) وقال النصارى : من يؤمن بالمسيح ابنا لله على