٣٦٩. كل يوم هو فى شأن
الله تعالى كما قال : (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) (٢٩) (الرحمن) : ومن شأنه أن يغفر ذنبا ، ويفرّج كربا ، ويرفع قوما ، ويضع آخرين ، ويجيب داعيا ، ويحيى ويميت ، ويعزّ ويذل ، ويرزق ويمنع ، ويقرّ فى الأرحام ما شاء ، ويولج الليل فى النهار ، ويولج النهار فى الليل ، ويشفى سقيما ، ويسقم سليما ، ويبتلى معافى ، ويعافى مبتلى ، ويفقر غنيا ، ويغنى فقيرا. قيل : وكيف يكون كل يوم هو فى شأن ، والقلم جفّ بما هو كائن إلى يوم القيامة؟ وأن ليس للإنسان إلا ما سعى؟ والجواب : أنه فى شأن بما جفّ به القلم ، وبما هو من سعى الإنسان ، فإنها شئون يبديها ولا يبتديها.
* * *
٣٧٠. لله الخلق والأمر
فى الآية : (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ) (٥٤) (الأعراف) : أنه تعالى الذى خلق ، فله الأمر : خلق المخلوقات وأمرهم بما أحب ، وأقامهم بأمره ، وأمره هو كلامه القديم الأزلى غير المخلوق ، ولو كان الله مخلوقا لما صحّ أن يخلق المخلوقات ، لأن الخلق لا يخلق بالمخلوق. وفى القرآن قوله : (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا) (١٧١) (الصافات) ، وقوله : (وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي) (١٣) (السجدة) ، إشارة إلى السبق فى القول فى القدم ، وذلك يوجب لذاته وكلامه الأزل فى الوجود.
* * *
٣٧١. طاعة الله واجبة أبدا
الدين هو الطاعة ، من دان بمعنى أطاع. وفى قوله : (وَلَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ واصِباً أَفَغَيْرَ اللهِ تَتَّقُونَ) (٥٢) (النحل) أن واصبا يعنى واجبا ، من وصب الشيء يصب وصوبا ، أى دام ، ووصب على الأمر إذا واظب عليه ؛ وفى الآية : (وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ) (٩) (الصافات) أى دائم ، والآية على ذلك بمعنى : أن طاعة الله واجبة أبدا.
* * *
٣٧٢. حجّة من قال إن الله يريد العذاب للناس!
المستشرقون والملحدون على القول بأن الله كما جاء فى القرآن يريد عذاب الناس ويتفنن فيه ، وأنه نزّاع إلى العذاب ، وأن الجنة والنار أمور حسّية لا تناسبه كما ينبغى له ، والقرآن يردّ على هؤلاء ، يقول : (ما يَفْعَلُ اللهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ) (١٤٧) (النساء) والاستفهام فى الآية بمعنى التقرير ، وتقديره : أى منفعة له فى عذاب هؤلاء إن شكروا