بعض أهل السنة : الإرادة قسمين : إرادة أمر وتشريع ، وإرادة قضاء وتقدير ، فالأولى : تتعلق بالطاعة والمعصية سواء وقعت أم لا ، كقوله : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) (١٨٥) (البقرة) ، والثانية : شاملة لجميع الكائنات ، ومحيطة بجميع الكائنات الحادثات ، طاعة ومعصية ، كقوله : (فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً) (١٢٥) (الأنعام).
* * *
٣٦٧. القرآن كلام الله
القرآن كلام الله : وكلام الله صفة من صفات ذاته ، وليس شىء من صفات ذاته مخلوقا ، ولا محدثا ، ولا حادثا ، وهو تعالى يقول : (إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (٤٠) (النحل) ، فلو كان القرآن مخلوقا لكان مخلوقا بكن ، ويستحيل أن يكون قول الله لشىء بقول ، لأنه يوجب قولا ثانيا وثالثا ، فيتسلسل ويفسد. وفى قوله تعالى : (عَلَّمَ الْقُرْآنَ (٢) خَلَقَ الْإِنْسانَ) (٣) (الرحمن) فخصّ القرآن بالتعليم ، لأنه كلامه وصفته ، وخصّ الإنسان بالتخليق ، لأنه خلقه ومصنوعه ، ولو لا ذلك لقال : خلق القرآن والإنسان. وقد أنكر الله تعالى قول المشركين : (إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ) (٢٥) (المدثر) ، ولا يعترض بأنه قال : (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ) (٤٠) (الحاقة) لأن معناه قول تلقّاه رسول كريم عن الله ، كقوله : (ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ) (٢) (الأنبياء) فالمراد أن تنزيله إلى الناس هو المحدث لا الذكر نفسه. وعن علىّ بن أبى طالب قال : القرآن كلام الله وليس بمخلوق. وفى الحديث : لمّا سألوه صلىاللهعليهوسلم : هذا كلامك أم كلام صاحبك؟ قال : «ليس كلامى ولا كلام صاحبى ، ولكنه كلام الله».
* * *
٣٦٨. أعظم الذنب أن جعل لله ندّا
سئل النّبى صلىاللهعليهوسلم : أىّ الذنب أعظم؟ قال : «أن تجعل لله ندا وهو خلقك» ، وقرأ : (فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (٢٢) (البقرة). والندّ : هو نظير الشيء الذى يعارضه فى أموره ؛ وندّ الشيء من يشاركه فى جوهره ، وهو ضرب من المثل ، ولكن المثل يقال فى أى مشاركة ، على ذلك يكون كل ندّ مثل ، من غير عكس. وأما الضدّ : فهو أحد المتقابلين ـ وهما الشيئان المختلفان اللذان لا يجتمعان فى شىء واحد ، ففارق الند فى المشاركة ، ووافقه فى المعارضة. ونفى الندّية لله معناه أن لا ينسب شىء من الخلق لغير الله ، فيكون شريكا وندا ومساويا فى نسبة الفعل إليه.
* * *