اللهُ أَحَدٌ) (١) (الإخلاص) ؛ وسأله مسلمو المدينة أن ينسب لهم ربّهم ، فنزلت الآية : (وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ) (١٦٣) (البقرة) و «لا إله إلا هو» نفى وإثبات ، أولها كفر : «لا إله» ، وآخرها إيمان : «إلا الله» ، ومعناها : لا معبود إلا الله. وكان بعضهم يذكر الله فلا يقول : «لا إله» ، ويقول : «الله» ، ويبررون ذلك بقولهم : نخشى أن نقبض ونحن نقول كلمة الجحود : «لا إله» ولم نصل إلى كلمة الإقرار : «الله» ، وفى الحديث : «من كان آخر كلامه (يعنى فى الدنيا) لا إله إلا الله ، دخل الجنة» أخرجه مسلم ، ولذا أوصى أحمد بن حنبل ابنه أن يكون معه فى الحشرجة ، فإن نسى أن يقول «لا إله إلا الله» ذكّره واستصرخه أن يقولها. وقول «لا إله إلا الله» مقصوده القلب لا اللسان ، فلو قال المؤمن «لا إله» ومات ، ومعتقده وضميره الواحدية وما يجب لله تعالى من الصفات ، لدخل بها الجنة. وقوله تعالى للمسلمين «وإلهكم» ، غاية التشريف ، ولقد قيل : علامة من يعدّه الله من خاص الخواص أن يقول له «عبدى» ، فأما من قصدهم بإلهكم ، فإن «إلهكم» أتمّ من «عبدى» ، لأنه فى قوله «عبدى» أضاف العبد إليه ، بينما فى قوله «إلهكم» أضاف الإله إليهم. ، وهذا تشريف ما بعده تشريف. ووصفه بأنه «الواحد» يعنى أنه لا مثل له يدانيه ، ولا شكل يلاقيه ، ولا قسيم يجانسه ، ولا شريك يعاضده ، ولا معين يساعده ، ولا منازع يعانده ، فهو الأحدىّ الحق ، الصمدىّ العين ، الديمومى البقاء ، الأبدىّ العزّ ، الأزلىّ الذات. والآية فيها أنه : «الرحمن الرحيم» ، ألحقها بلا إله إلا هو ، والاسمان «الرحمن» و «الرحيم» من الرحمة ، والرحمن ، أبلغ وأشدّ ، وهو الرحمن بما أولى المسلمين من الإيمان ؛ وهو الرحيم بما أسدى إليهم من العرفان. والحمد لله.
* * *
٣٤٩. الكفر
الكفر خلاف الإيمان ، وهو إنكار وجود الله ، من كفر ضد آمن ، والكافر : الجاحد لنعم الله ، والكفّار فى جمع الكافر وهو المضاد للإيمان ، أكثر استعمالا فى القرآن ، والكفرة فى جمع كافر النعمة الأكثر استعمالا. وفى القرآن من ذلك كمثل على الكفر : (الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ) (البقرة ٢٥٨) فى قوله تعالى : (فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ) (البقرة ٢٥٨). والناس صنفان : إما مؤمنون وإما كفّار ، كقوله : (فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ) (٢٥٣) (البقرة) ، والنصارى من الكفّار بقوله تعالى : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ) (٧٢) (المائدة) ، وبقوله : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ) (٧٣) (المائدة). وفى القرآن عن الكافرين : (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الَّذِينَ كَفَرُوا) (٥٥) (الأنفال) ، وتوعدهم الله تعالى