الغير ، وفى حق الله هو إشارة إلى الله ذاته ، ويقولون «هو بلا هو» يعنى أنه المتفرّد المتوحّد ، وكأنما الذى يكتب أو يقول : «هو» لا يقولها نطقا ولا يكتبها أحرفا ، بالهاء والواو ، وإنما يكتبها أو ينطقها إشارة ، يقصده تعالى بها بدون حاجة إلى التنبيه إليه باسم أو حرف ، ومن ذلك تشتق «الهوية» : ، وهى الحقيقة المطلقة المشتملة على الحقائق اشتمال النواة على الشجرة فى الغيب المطلق. فشتّان إذن بين مفهوم اليهود من قولهم «هو» ، ومفهوم متصوّفة الإسلام ، وهوية الحق عند متصوفة المسلمين هى عينه التى لا يمكن ظهورها إلا باعتبار جملة الأسماء والصفات ، فكأنها إشارة إلى باطن الأحدية. وفى القرآن فإن الإشارة إلى اسم الله تعالى تأتى بضمير الغائب «هو» تعبيرا عن مضمون اسمه تعالى «الله» ، وعلى ذلك فقوله تعالى (هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) (٢٢) (الحشر) تنبيه إليه تعالى باعتبار اسمه «هو» مرة ، وباعتباره «الله» مرة ، فإن أردناه تعالى كهوية أو كمعنى باطن ، قلنا «هو» ، وإن أردناه كعلمية قلنا «الله» ، «فالله» هو الاسم المستحق لصفات الإلهية التى نعلمها ، وما لا نعلمه منها فاسمه «هو» ، ويقابل ذلك فى العبرية «ألوهيم» و «يهوه». واسم «الله» على ذلك من أسماء الأعلام ، لأنه مظهر الربوبية ، واسم «هو» باطن الربوبية. والاسم «الله» ينطق خماسيا ، مع أنه فى الكتابة رباعى ، والنطق حاكم على الكتابة ، ولذلك كانت بداية القرآن بقوله تعالى : «اقرأ» ، ولم يقل «اكتب» ، وكتابه المنزّل اسمه «القرآن» ، أى المخصوص للقراءة ، وهو اسمه الشائع وليس الاسم «الكتاب» ، واسم «القرآن» على ذلك حاكم على اسمه «الكتاب». واللطيفة فى الاسم العربى : أن الحرف الأول من اسمه تعالى «الله» المنطوق هو : «الألف الأولى» وتأويلها الواحد فى الحساب ، إشارة للأحدية ؛ والحرف الثانى هو : «اللام» الأولى تلتوى عن الألف فتعطيها جلالا ، والجلال أعلى تجليات الذات وأسبق من الجمال ، وفى الحديث : «العظمة إزارى والكبرياء ردائى» ، ولا أقرب من الرداء والإزار إلى الشخص ، فثبت أن صفات الجلال أسبق إليه تعالى من صفات الجمال ، والحرف الثالث : «اللام الثانية» : تأكيد للأولى ، وإظهار لما فى جلال اللام الأولى من الجمال ، والجمال الظاهر للخلق هو جمال الجلال ، كما أن الجلال الباطن هو جلال الجمال ، والاثنان الجلال والجمال متلازمان فى الاسم «الله» ؛ «والحرف الرابع» هو «الألف الثانية» التى تنطق قراءة وتنسى كتابة ، ولكنها ثابتة فى اللفظ الملفوظ باللسان ، وهى إذن ألف الكمال» ، لأن ثبوت الألف فى اللفظ إظهار للكمال فى ذاته تعالى. والحرف الخامس هو : «الهاء الأخيرة» إشارة إلى الهوية ، أو الهوهو فى قوله : «هو الله». والهوهو الباطن ، وهو الذات ، وهو عالم الغيب. وتستدير الهاء تحوط بالغيب عالم الخلق والشهادة ، إشارة إلى أنه تعالى هو الخالق ، والحافظ ،