«بسم الله» نقصد باسم من تفرّد بالقوة والقدرة ، فبسماعنا لاسمه تعالى «الله» ندرك معنى الإلهية ، فنستشعر الهيبة والاصطلام. وإذا تكلمنا فى اسمه تعالى ، فإنه تعالى ليس مجرد اسم ، وإنما هو موجود بذاته ، ونعرفه بأفعاله ، وبالعقل والمنطق عن أهل العلوم والحكمة ، وبالنقل عن الأنبياء ، وبالدلائل أو الحجج أو البراهين على وجوده وجودا عينيا وليس وجودا اسميا اصطلحنا على تسميتها باسم دلائل أو حجج أو براهين وجود الله ـ عن العلماء ؛ وهى علم قائم بذاته. واسمه الله يتردد فى القرآن ٢٦٩٧ مرة ، وأفعاله وآياته الدالة على وجوده عينيا لا تعد ولا تحصى. ومن صفات الاسم «الله» سهولته فى النطق وفى التذكّر ، وجرّبت ذلك بنفسى على طلّاب من الجامعات فى موسكو وفرانكفورت وباريس ولندن ونيويورك وروما ، فكان تذكّرهم للاسم ونطقهم له من أسهل الأمور عليهم ، وكان يعسر نطق الاسم التوراتى «ألوهيم» وهو المقابل العبرى لاسم الله العربى ، وفى ذلك بيان بفضل العربية على العبرية ، فكان اختياره تعالى للعربية لغة للقرآن لصفات فيها ليست فى العبرية ، ولهذا لم تتنزّل التوراة من الله مباشرة وإنما كتبها الكتبة ، وكذلك الأناجيل ، فأما القرآن فكان نزوله مباشرة من الله ، وكان حفظه منه تعالى ، لأنه كلامه المباشر ، ومن ثم فالدعوة فيه لله وليست لشعب اليهود كالتوراة ، وليست للمسيح كالأناجيل ، وهذا دليل ثبوتى على أن القرآن من عند الله. ولأن الله فيه يدعو لنفسه فكثر اسمه تعالى فى القرآن حتى بلغ هذا العدد الكبير الذى له فيه ، وبالمقارنة لم يزد عدد مرات المذكور من اسمه تعالى العبرى «ألوهيم» فى التوراة عن مائة وخمسين مرة أو نحو ذلك ، وتكاد الأناجيل يكون مدارها على اسم المسيح وقلما يذكر اسم الله ، والسبب أن التوراة ينصبّ فيها التأليه لشعب إسرائيل وليس لله ، وكذلك فإن الأناجيل لم تكن تحفل بذكر الله وإنما دعوتها للمسيح. وكذلك يرد فى التوراة اسم «يهوه» أكثر من اسم «ألوهيم» ، و «يهوه» ، يعنى «هو» يشيرون بها إلى الله تعالى بضمير الغائب ، وفى القرآن مثل ذلك كما فى قوله تعالى : (وَهُوَ اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) (القصص ٧٠) ، و (هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) (٢٢) (الحشر) ، والفرق فى العبرية بين «ألوهيم» وبين «يهوه» ، أن «ألوهيم» تعنى «ربّ العالمين» أى ربّ الأمم أو ربّ الأغيار ، و «يهوه» ، تعنى «ربّ اليهود» ، تمييزا له عن ربّ الأمم أو ربّ العالمين. وكذلك يرد اسمه تعالى فى العبرية «أدوناى» بمعنى «ربّنا» أو «ربّى» ، فإن أردت أن تشير إليه باعتباره «ربّ الناس» قلت «ألوهيم» ، وإن أردت الإشارة إليه «كربّ بنى إسرائيل» فهو «يهوه» ، وإن أردت أن تدعو به لنفسك أو تدعوه به جماعة ، تقول «أدوناى». «وصوفية المسلمين» الذين هم على علم بهذه الأسماء العبرية : «ألوهيم» و «يهوه» و «أدوناى» يعظّمونها ، وعندهم «الهو»