والرحمن ، والرحيم ، والولىّ ، والحميد إلخ ، فتجتمع فى الاسم «الله» كل صفات الألوهية أو الإلهية ، ولا يتحقق هذا الاجتماع إلا لذات واجبة الوجود. والخلاصة أن «الألف» فى الله» بها الابتداء ، و «الهاء» بها الانتهاء ، فهو تعالى «الأول والآخر» ، وقولنا ، «هو» كمقابل لاسمه «الله» ، مقابلة الباطن للظاهر ، فاسمه «الله» إشارة إلى ظاهر الذات ، واسمه «هو» إشارة إلى الذات نفسها ، فذلك تفسير قوله تعالى : (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ) (٣) (الحديد). واعتقاد أهل السنّة فى الله : أنه تعالى واحد أحد ، قائم بنفسه ، ومستغن عن خلقه ، ليس له محل ، ولا مكان ، سميع ، بصير ، ليس كمثله شىء ، ولا يجوز عليه الحدّ ولا النهاية ، قديم ، ليس بجسيم ، ولا بجوهر ، ولا بعرض ، يستحيل عليه الولد والزوجة ، ولا يجوز له الشريك ، ولا الحركة والسكون ، ولا الذهاب والمجيء ، ولا الاجتماع والافتراق ، والقرب والبعد ، والاتصال والانفصال ، والحجم والجرم ، والجثة والصورة ، والحيّز والمقدار ، والنواحى والأقطار ، والجوانب والجهات ، ولا تجوز عليه الحوادث على ذاته ، ولا يجوز عليه النقص ، والآفة ، والكيفية ، والكمية ، والأينية ، وهو حىّ ، قادر ، عالم ، مديد ، وصفاته له ، وموجودة به ، وقائمة بذاته ، وعلمه بكل شىء ، وقدرته فى كل شىء ، وحكمته فى كل شىء. فهذا بعض ما نعرف عن الله ، وعرفناه بالقرآن ، وعايناه بالعقل ، والحمد لله على نعمة القرآن والإيمان والإسلام والعقل ، وعلى أن محمدا صلىاللهعليهوسلم كان نبيّنا ورسوله تعالى إلينا ، وكان معلّمنا ومرشدنا وهادينا.
* * *
٣٤٣. الله والربّ والإله
فى القرآن : (رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (١٤) (الكهف) ، يعنى أنه تعالى المالك المتصرف ، والمدبّر لكل أمر فى السموات والأرض ، خلق كل شىء ، ويتعهده ويكفله ، وبنفس المعنى : (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) (١٢٦) (النساء) ، (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ) (٨٤) (الزخرف). والفرق بين الله والربّ والإله : أن الله علم على الإله المعبود بحق ، وأصله أله ، دخلت عليه أل ، ثم حذفت همزته وأدغم اللامان. غير أن الله لا يجمع ، لأنه لا إله إلا هو ، بينما الجمع لإله هو آلهة ، والإله هو كل ما يتخذ معبودا ؛ وكذلك الربّ تجمع على أرباب وربوب ، من ربّ بمعنى تعهد ونمّى وحفظ وأصلح ، والربّ هو المالك ، والسيد ، والمربى ، والقيّم ، والمنعم ، والمدبّر والمصلح. واسم الله تعالى ينفرد به المسلمون ، وله ما يقابله فى العبرية وهو «ألوهيم» ، بينما الرّب فى العبرية «يهوه». وكان للمصريين آلهة أو أرباب بلغت نحو العشرين ، وفى قول نحو المائة ، ومن أشهرهم رع ،