وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ) (٦٧) (المائدة) ، وأخرج البخارى عن عائشة فى تفسير هذه الآية : من حدثك أن محمدا كتم شيئا مما أنزل الله عليه فقد كذب. وفى الصحيحين عنها أيضا قالت : لو كان محمد كاتما شيئا من القرآن لكتم هذه الآية : (وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ) (٣٧) (الأحزاب). وقد نفى ابن عباس ذلك ـ فيما يرويه ابن أبى حاتم ـ لمّا جاءه الرجل فقال له : إن ناسا يأتون فيخبرونا أن عندكم شيئا لم يبده رسول الله صلىاللهعليهوسلم للناس؟! فقال ابن عباس : ألم تعلم أن الله تعالى قال : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ) (٦٧) (المائدة)؟
وفى صحيح البخارى عن وهب بن عبد الله قال : قلت لعلىّ بن أبى طالب : هل عندكم (يقصد الشيعة) شىء من الوحى مما ليس فى القرآن؟ قال : لا والذى فلق الحبّة وبرأ النسمة ، إلا فهما يعطيه رجلا فى القرآن! ـ يعنى أنه لا علىّ ولا فاطمة كان عندهما شىء من القرآن كتمه النبىّ صلىاللهعليهوسلم واختصهما به كما يزعم بعض الشيعة. والرسول صلىاللهعليهوسلم قد منّ الله عليه بالرسالة ، وعليه البلاغ ، وعلينا التسليم. والأمة الإسلامية قد شهدت للرسول صلىاللهعليهوسلم أنه أبلغ الرسالة وأدّى الأمانة ، وقد استنطقهم هو نفسه بذلك فى أعظم المحافل وهو خطبته يوم حجة الوداع ، وكان هناك من أصحابه نحو الأربعين ألفا. وكما ثبت فى صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد قال فى خطبته تلك : «أيها الناس! إنكم مسئولون عنى ، فما أنتم قائلون»؟ قالوا : نشهد أنك قد بلّغت وأدّيت ونصحت. فجعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم يرفع إصبعه إلى السماء وينكّسها إليهم ويقول : «اللهم هل بلّغت»؟
* * *
٢٨٧. هل على المسلم ، مهما علا فى العلم ، أن يمتثل أقوال النبىّ
فى القرآن : (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) (٧) (الحشر) ، وقد ثبت أن الرسول صلىاللهعليهوسلم قال : «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ، وما نهيتكم عنه فاجتنبوه». وأهل السنة على القول بوجوب الامتثال.
* * *
٢٨٨. ألا يمكن أن يستغنى المسلم بالقرآن عن السنة؟ هل للسنة ضرورة؟
تشرح السنّة القرآن وتفسّره ، ومن يطالب اليوم بالاستغناء عن السنّة بالقرآن ، فقد