غلام لبنى عامر بن لؤى ، واسمه يعيش». وقال عبد الله بن مسلم الحضرمى : كان لنا غلامان نصرانيان من أهل عين التمر ، اسم أحدهما يسار ، واسم الآخر جبر» ، وقال الثعلبى : يقال لأحدهما «نبت» ، ويكنى «أبا فكيهة» ، والآخر جبر ، وكانا صيقلين يعملان السيوف (يعنى يشحذانها) ، وكانا يقرءان كتابا لهما». قال الثعلبى : يقرءان التوراة والإنجيل». وقال الماوردى والمهدوى : يقرءان التوراة». فقالوا : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يمر بهما ويسمع قراءتيهما. وقال المشركون : يتعلم منهما ـ فأنزل الله هذه الآية وأكذبهم. وقيل عنوا «سليمان الفارسى». ذكره الطبرى والبخارى وابن عطية والشوكانى وأبو حيان. وقال الضحاك : الذى يعلمه كان نصرانيا بمكة اسمه بلعام ، وكان غلاما يقرأ التوراة. وقال ابن عباس : وكان المشركون يرون رسول الله صلىاللهعليهوسلم حين يدخل عليه ويخرج من عنده ، فقالوا : إنما يعلمه بلعام. وقال القتبى : كان بمكة رجل نصرانى يقال له أبو ميسرة يتكلم بالرومية ، فربما قعد إليه رسول الله صلىاللهعليهوسلم فاتهمه به الكفار ، وقالوا : إنما يتعلم محمد منه ، فنزلت الآية. وفى رواية أنه عدّاس غلام عتبة بن ربيعة. وقيل هو : عابس غلام حويطب بن عبد العزّى ، ويسار ـ أبو فكيهة مولى ابن الحضرمى ، وكانا قد أسلما. والخلاصة أن رسول الله اتّهم بكل هؤلاء ، وربما يكون قد جلس إليهم ليعلّمهم مما علمه الله ، ويدعوهم بدعوته ، فقلبوا الأوضاع وقالوا إنه تعلّم منهم بدلا من أن يقولوا يعلّمهم ، وكأن الأدنى يمكن أن يعلّم الأعلى ، وكأن النصرانى المشرك يمكن أن يعلّم المسلم الموحّد!. ولا تناقض بين كل هذه الأقوال ، لأن المشركين متفرقون ، وكلّ اتهمه بواحد من هؤلاء فزعموا أنهم يعلّمونه ، ويسقط من ذلك قول القائلين بأنه سلمان ، لأن سلمان لم يلتق الرسول صلىاللهعليهوسلم إلا بالمدينة!! وكل ما سبق حدث بمكة! وهذه الآية : (لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ ..) مكية! فكيف يعلمه سلمان؟! ثم كان وقتنا هذا ، فشهد على كذب الأقدمين والمحدثين ، أمثال رينان ، الذى قال : لقد كتب المسيحيون تاريخا عجيبا ، ملؤه الحقد والبغض للإسلام ولمحمد! ـ فشهد شاهد من أهلها!
ومن هؤلاء المحدثين المؤرّخ البيزنطى ثيوفانس Theophanes (٧٥٢ ـ ٨١٨ م) قال : إن محمدا ارتحل إلى فلسطين وتحدّث إلى اليهود والنصارى ، وتعلّم منهم مما تحويه كتبهم. وساعد ثيوفانس على هذه الفرية ما هو موجود للأسف فى الكتب العربية ، ففي طبقات ابن سعد حكايات كالأساطير ، قال : لمّا بلغ رسول الله صلىاللهعليهوسلم اثنتى عشرة سنة ، خرج به عمه أبو طالب إلى الشام فى العير التى خرج فيها للتجارة ونزلوا بالراهب بحيرا ، فقال لأبى طالب فى النبىّ صلىاللهعليهوسلم أن يبقى محمدا معه ، فرفض أبو طالب وردّ محمدا إلى مكة