فطلبوا منه أن يمتّعهم باللات سنة ، وهى الطاغية التى كانت ثقيف تعبدها ، وقالوا : لتعلم قريش منزلتنا عندك ، فهمّ النبىّ صلىاللهعليهوسلم بذلك!! فنزلت الآية.
وكل تلك الروايات تطعن فى النبىّ صلىاللهعليهوسلم ، وهى من الإسرائيليات ، أى التفاسير التى ابتدعها اليهود والمنافقون ، وروّجوا لها حتى ردّدها أصحاب التفاسير وأدرجوها فى مؤلفاتهم ، والصحيح أن هذه الآيات من القواعد الأخلاقية التى يستنها الله تعالى للنّبيّ وللمسلمين من بعده ، والخطاب فيها للنّبى ولأفراد أمة الإسلام من بعده : ألّا يسمعوا لأعدائهم ، فالعدو لا يريد بنا سوى الهوان والخذلان ، وأن يكون سلوكنا مع أعدائنا بوحى كلام ربّنا ، نأخذ به ونتوكل على الله ، وهو يكفينا ما نخافه منهم ، ومن تعاليمه تعالى للمسلمين توعية وتحذيرا وإنذارا ، قوله : (وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصارى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) (١٢٠) (البقرة) وقوله : (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا) (٨٢) (المائدة) ، وقوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (٥١) (المائدة). ونشهد ان الله تعالى قد بلّغ ، وقد أعذر من أنذر.
* * *
٢٧٠. أذنب ذنبين
ذنب قديم وذنب أقدم جمعتهما الآية : (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) (٢) (الفتح) ، فما تقدّم كان يوم بدر ، وما تأخّر كان يوم حنين ، ففي يوم بدر جعل يدعو : اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد فى الأرض أبدا» فأوحى الله إليه : من أين تعلم أنى لو أهلكت هذه العصابة لا أعبد أبدا؟ فكان هذا هو الذنب المتقدّم. ولمّا انهزم الناس قال لعمه العباس وابن عمه علىّ : «ناولانى كفا من حصباء الوادى» ، فناولاه ، فأخذه بيده ورمى به فى وجوه المشركين وقال : «شاهت الوجوه ، حم لا ينصرون» ، فانهزم القوم ولم يبق أحد إلا امتلأت عيناه رملا ، ثم نادى على أصحابه فرجعوا ، وقال لهم : «لو لم أرمهم لم يهزموا» فأنزل الله : (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى) (١٧) (الأنفال) ، فكان هذا هو الذنب المتأخّر.
* * *
٢٧١. قولهم : الذى له قلبان يعقل بكل واحد منهما أفضل من عقل محمد
من الإسرائيليات قول مجاهد : إن آية (ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَما جَعَلَ أَزْواجَكُمُ اللَّائِي تُظاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهاتِكُمْ وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ) (٤) (الأحزاب) نزلت فى رجل من قريش كان يدعى «ذا