سوء الطوية ، وسياق السورة التى تتضمنها الآية حافل بالمواقف التى ينهى فيها المؤمن أن يسيء التصرف أو الظن أو القول بالرسول صلىاللهعليهوسلم. وجاءت التوصية بذلك فى رفقة توصية أكبر ، بعدم الإساءة أو التعرّض للمؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا ، فقال تعالى (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً) (٥٨) (الأحزاب) أى ينسبون إليهم ما هم برآء منه ولم يصدر عنهم لا قولا ولا فعلا. فهؤلاء هم الذين يحتملون البهتان والإثم المبين ، ومن ذلك ما يسمى البهت الكبير : وهو أن يحكى المرء أو ينقل عن المؤمن أو المؤمنة ما لم يفعلوه على سبيل العيب والتنقّص لهم ، ومنهم الذين اشتهروا فى التاريخ الإسلامى باسم الرافضة ، الذين كانوا ينتقصون الصحابة ويعيبونهم بما قد برّأهم الله منه ، وكانوا يصفونهم بنقيض ما أخبر الله عنهم ، وفى الحديث عن عائشة ، عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قال : أربى الربا عند الله استحلال عرض امرئ مسلم» ، فذلك على الجملة حرام ، بينما أذى الرسول ـ كما قيل ـ من الكبائر ، وأما أذى الله فهو الكفر أعاذنا الله منه!
ولكن كيف يمكن أن يؤذى إنسان الله تعالى؟ والجواب بأن يكفر به ، أو ينسب له صاحبة أو ولدا أو شريكا ، أو يصفه بما لا يليق ، كقول اليهود : يد الله مغلولة ؛ وقول النصارى : المسيح ابن الله ؛ وقول المشركين : الملائكة بنات الله ؛ وقول الكفار : الأصنام زلفى إلى الله ، يعنى جعلوهم شركاء له ، وفى الحديث من ذلك قوله تعالى فى الحديث القدسى : كذبنى ابن آدم ولم يكن له ذلك ، وشتمنى ولم يكن له ذلك».
ومن أمثلة الأذى للرسول صلىاللهعليهوسلم ، قولهم عليه أنه ساحر ، وشاعر ، وكاهن ، ومجنون ، والإفك الذى شنّعوا به على نسائه ، وقيل وهذا هو الأذى بالقول ، وهناك الأذى بالفعل ، ففي مكة كانوا يهيلون على ظهره السلى ـ وهو ساجد ـ أى أحشاء الحيوانات ، وفى أحد كسروا رباعيته ، وشجّوا وجهه ، ثم إنهم حاولوا قتله عشر مرات!
* * *
٢٦٩. هل عاتب النبىّ ربّه لأنه كان يمالئ اليهود؟
فى الآية : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً) (١) (الأحزاب) ، أن تقوى الله ، وعدم طاعة الكافرين والمنافقين ينبغى أن يكونا من القواعد العامة اليومية فى سلوك المسلم والمسلمة ، وتقوى الله : هى أن نعمل بطاعته على نور منه ، ورجاء فى ثوابه ، وأن نترك المعصية على نور منه ، ومخافة عذابه. وعدم طاعة الكافرين والمنافقين هى البديل عن طاعة الله تعالى فى حالة الزيغ والضلال ، ومعنى أن لا