يحدث إلا مع النفخ فى النفير ، وهو انشقاق لا يكون فيه التحام ، ولكنه ينذر بنسف القمر وسقوطه من حالق قطعا كمركبة الفضاء مير. وأما الآيات التى كلما رآها الكفار أعرضوا عنها فقالوا سحر مستمر ، فهى المشاهد التى ما تزال بينهم وتراها عيونهم ، كمساكن هؤلاء الذين كذّبوا رسلهم ، أمثال عاد وثمود ، وهى مشاهد يمكن أن تكون زجرا للاحقين ، وفيها من الحكمة البالغة ما يغنى عن كل النذر ، ومع كل ما سبق فإن النبىّ صلىاللهعليهوسلم قد نفى البتة أن يكون لأحد سلطان على الشمس والقمر إلا الله تعالى ، وأنهما آيتان ستظلان حتى الساعة ، ولا يمكن لنبىّ ولا لغيره أن يكون له سلطان عليهما. ثم إن نبيّنا لا معجزة له إلا القرآن ، فهو المعجزة الباقية بعد عصره ولكل العصور.
* * *
٢٦٨. فى الآية : (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) (٥٧) (الأحزاب) ،
كيف يمكن أن يؤذى الله ورسوله؟!
قال ابن عباس فى قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً) (٥٧) (الأحزاب) : أن الآية نزلت فى الذين طعنوا على النبىّ صلىاللهعليهوسلم فى زواجه من صفية بنت حيى. وصفية كما نعرف ، كانت يهودية. فربما كان الأمر فى أسباب نزول الآية كما يقول ابن عباس ، إلا أن الواقعة لا ترقى إلى أن يلعن الله فى الدنيا والآخرة من يتعرّض لها بالنقد من قريب أو بعيد ، وأن يكون جزاؤه فى الآخرة العذاب المهين. وكذلك نستبعد أن المقصود بالآية المصوّرين الذين كانوا يرسمون اللوحات كما قال البعض ، فهذا وإن كان فى ذلك الوقت محرّما ، إلا أن العقاب لمن يمارسه بحسب الآية أكبر من الذنب. وأيضا فإن من يصرف معنى الآية إلى من يسبّون الدهر ، فقد أسرف وتجنّى ، وبحسب الحديث عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يقول الله عزوجل : يؤذينى ابن آدم : يسبّ الدهر ، وأنا الدهر ، أقلّب ليله ونهاره» ، وكان سبّ الدهر من عادة أهل الجاهلية ، فكانوا يقولون : يا خيبة الدهر! فعل بنا كذا وكذا ، فيسندون أفعال الله تعالى إلى الدهر ويسبّونه ، مع أن الفاعل هو الله ، فنهى الرسول صلىاللهعليهوسلم عن ذلك ، وهذا حسن إلا أن الآية لا يمكن أن يكون ذلك هو المقصود بها ، فهى آية عامة ، والأذى فيها عام. وأذى الرسول صلىاللهعليهوسلم قد يكون طعنا فيه شخصيا ، وقد يكون إساءة إلى نسائه وأصحابه ، أو تجريحا يتناوله فى مواقف بعينها ، وذلك هو كل ما جرى النقد فيه على الرسول صلىاللهعليهوسلم ، ولا بأس بالنقد البنّاء ، وهو غالبا نقد يتناول روايات بعينها ولا يتناول الرسول نفسه ، ومن ذلك الروايات من الإسرائيليات ومن الأحاديث الموضوعة ، فذلك مجال من العلم وليس من