القمر إلى فلقتين! غير أن الشمس والقمر آيتان من آيات الله ، ومسخّران لأجل مسمّى ، كقوله : (وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ) (٢) (الرعد) ، يعنى سيظلان دائبين حتى يوم القيامة على ما هما عليه ، فأن يفلق النبىّ صلىاللهعليهوسلم القمر لبعض الوقت ، فذلك مستبعد ، لأن الكون كله يضطرب به. ومع ذلك فمثل الذى تقوّله المفسرون ، يأتى فى سفر يشوع من أسفار اليهود : أن يشوع بن نون كلّم الشمس والقمر فى حربه مع الأموريين ، وأمرهما فقال : يا شمس قفى على جبعون ، ويا قمر أثبت على وادى أيالون ، فوقفت الشمس وثبت القمر ، إلى أن انتقم الشعب من أعدائهم. فوقفت الشمس فى كبد السماء ولم تمل للمغيب مدة يوم كامل» (الفصل العاشر ١٢ / ١٣) ، فإذا كان ذلك مستبعد فى حالة النبىّ صلىاللهعليهوسلم ، فلم هو غير مستبعد مع يشوع؟! أخيار وفقوس؟!!
وقى بعض الأقوال أن معنى الآية : أنه عند ما تقترب الساعة يكون من علاماتها أن ينشق القمر ، مثلما من علاماتها أن تتكوّر الشمس وتجمع إليها القمر ، وأن تتكدر النجوم وتنطمس ، وتنتثر الكواكب ، وتنشق السماء ، وبانشقاقها ينشق القمر. والذين قالوا بأن انشقاق القمر وقع وشاهده الناس وقتها فى غير مكة ، حتى أن بعضهم آمن ، وبعضهم كذّب ، يحتجّون بالآيات بعد آية الانشقاق : (وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (٢) وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ) (٣) (القمر) ، يعنى أن القمر ظل منشقا وفلقتاه ظلّتا متباعدتين عدة ساعات ، ثم التحمتا ، فقال الكفّار : لقد سحرنا محمد ، وأنه لا يتوقف عن السحر! وقال المؤمنون من أهل العلم : إن السحر لا يمكن أن يطول كل الناس ، فكيف اتفق كل الناس على أن ذلك ما حدث ، فقال الله تعالى : (وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ (٤) حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ) (٥) (القمر). ويستشهد أهل العلم الحديث بصدق آية الانشقاق كمعجزة للرسول صلىاللهعليهوسلم ، بما أكده رواد الفضاء من أن القمر قد انشق فى يوم من الأيام ثم التحم ، ففي التركيب الداخلى للقمر حزام من الصخور المتحوّلة ، يقطع القمر من سطحه إلى جوفه إلى سطحه ، ولا يمكن أن يحدث ذلك إلا إذا كان قد انشق فعلا فى يوم من الأيام ثم التحم ، وبذلك يثبت العلم صدق ما أخبر به القرآن منذ نحو ألف سنة. ويقول غيرهم من أهل العلم أيضا : بأن الحضارة الهندية القديمة يؤرخ فى تاريخها القديم لحادثة انشقاق للقمر ، وما يؤرخ له كان قبل دعوى انشقاق القمر بأمر النبىّ صلىاللهعليهوسلم ، وكذلك ليس فى أقوال رواد الفضاء أن انشقاق القمر المقصود هو هذا الانشقاق على يد النبىّ صلىاللهعليهوسلم ، والمعقول أن هذا الانشقاق المنذر به فى القرآن هو من علامات الساعة ، ويرتبط بها ولا