هذا الصحابى هو طلحة. وقيل : إنه واحد من السادات ومن العشرة ـ يعنى المبشّرين بالجنة» ، وبذلك تصادر البشارة على الإشاعة ، وتؤكد على نقدنا لهذه التهمة بأنها غير معقولة فى حق هذا الصحابى الجليل الذى أطلق عليه النبىّ صلىاللهعليهوسلم اسم الفيّاض ـ يعنى يفيض كرما ، وقال فيه : «من سرّه أن ينظر إلى رجل يمشى على ظهر الأرض وقد قضى نحبه ، فلينظر إلى طلحة». وقد زاد طلحة عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم أحد ، ووقاه بيده حتى أصابته السيوف ، ثم احتمله بعيدا ، فكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم كلما التقى به يحييه ويقول : «أهلا بسلفى فى الدنيا وسلفى فى الآخرة». وكان طلحة سلفه فعلا. وفى الحديث قال : «احفظونى فى أصحابى» ، وقال : «عليكم بأصحابى». فأن يقول طلحة هذه المقالة أمر مستبعد. فإذا كانت هذه الفرية قد قيلت فلربما افتراها أحد المنافقين ، وفى رواية أخرى عن ابن عباس : أن الرجل الذى قال ذلك كان ابن عم لعائشة ، وأنه كلّمها ، فكره الرسول ذلك ، فقال الرجل : يمنعنى من كلام ابنة عمى؟! لأتزوجها من بعده!! فنزلت الآية. وعند ابن أبى حاتم قال : نزلت الآية فى طلحة بن عبيد الله ، قال : أيحجبنا محمد عن بنات عمّنا ويتزوّج نساءنا؟! لئن حدث به حدث لنتزوّجن نساءه بعده» ، فأنزل الله هذه الآية. وفى رواية أن أحدهم قال حين تزوج رسول الله صلىاللهعليهوسلم أم سلمة بعد أبى سلمة ، وحفصة بعد خنس بن حذافة ، ما بال محمد يميت رجالنا فيتزوج نساءنا؟ والله لو قد مات لأجلنا السهام (يعنى تقارعنا) على نسائه! (يعنى لنتزوجهن مقارعة بيننا بعد وفاته). وفى الآية : (إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللهِ عَظِيماً) ، يعنى خطيرا ، وليس ذلك فقط فهو أيضا دليل على حقارة وتدنّى نفسية القائل ، وعدوانيته تجاه الرسول صلىاللهعليهوسلم ، ورغبته الدفينة فى الانتقام ، فكيف يكون مسلما ، وهذه هى مشاعره المكبوتة تجاه نبيّه؟ فلا شك أنه من المنافقين ، وليس هو بكل تأكيد طلحة الذى افتدى الرسول صلىاللهعليهوسلم بنفسه.
والآية تحرّم نكاح زوجاته من بعده ، وفى الآية الأخرى جعل الله تعالى لهن حكم الأمهات ، تمييزا للرسول صلىاللهعليهوسلم ، لشرفه ، وتنبيها على مرتبته ، وهو أمر شائع عرفناه عن زوجات أنبياء بنى إسرائيل ، وأزواج رسول الله صلىاللهعليهوسلم هن أزواجه فى الجنة كما كن فى الأرض ، ولذلك فزواجهن بآخرين محرّم ، والمرأة فى الجنة لآخر أزواجها. ومن يمكن أن يتزوجهن ليكون موضع مقارنة مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟
والسؤال الذى يثيره المستشرقون ، وكذلك الكثير من المسلمين : هل بقيت أزواجه صلىاللهعليهوسلم بعد الموت أزواجا له؟ أم أن الموت فصم الزوجية؟ وإذا كانت الزوجية قد انتهت بالموت فهل على زوجاته عدّة أم لا؟