السرارى ، بينما الله تعالى يقول : (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) (٣) (النساء) فحصر الزواج فى أربع نسوة ، ويقول : (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً) (٣) (النساء) ، ويقول : (ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا) (٣) (النساء) ، ويقول : (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ) (١٢٩) (النساء) ، فنفى أن يكون العدل فى استطاعة من يتزوج بأكثر من واحدة. ومعنى (أَلَّا تَعُولُوا) ألا تجوروا ، فمن يخاف أن لا يعدل بين النساء فليقتصر على واحدة ، وقيل : استثنى الله تعالى النبىّ صلىاللهعليهوسلم من قصر التعداد على أربع ، فقال (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ) (٥٠) (الأحزاب) فكان الجمع بين التسع بالإضافة إلى السرارى رخصة له. ونزلت الآية : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلاً (٢٨) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً) (٢٩) (الأحزاب) فخيّرهن بين أن يفارقنه فيذهبن إلى غيره ممن يحصل لهن عنده الحياة الدنيا وزينتها ، وبين الصبر على ما عنده من ضيق الحال ولهن عند الله الثواب الجزيل ، فاخترن الله ورسوله والدار الآخرة ، فنزلت الآية : (لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً) (٥٢) (الأحزاب) مجازاة لهن على حسن صنيعهن فى الاختيار ، فقصره عليهن ، وحرّم عليه أن يتزوج بغيرهن ، أو يستبدل بهن أزواجا غيرهن ، وقيل : فلما حصلت لهن الطمأنينة والسكينة بعد هذه الآية أنزل الله : (تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُناحَ عَلَيْكَ ذلِكَ أَدْنى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللهُ يَعْلَمُ ما فِي قُلُوبِكُمْ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَلِيماً) (٥١) (الأحزاب) ، يعنى أنه كان يقسم لهن عدلا ، فلم يعد القسم واجبا عليه ، وصار له أن يقدّم يوم هذه أو تلك بلا تثريب ، فيؤثر من يشاء منهن ، ويؤجل من يشاء ، ويؤخر من يشاء ، ويقسم لمن يشاء ، ويترك من يشاء ، ولكنه مع ذلك لم يفعل ، فإن اضطر يوما أن يغيّر يوم إحداهن ، كان يستأذنها بعد نزول هذه الآية ، والنتيجة أنهن وقد علمن أن الحرج قد وضع عنه ، وأن القسم لهن مستمر مع ذلك ، عن اختيار منه لهن ، إيثارا وحبا فيهن ، وعدلا منه لهن ، وتقوى لله فيهن ، قد أثلج ذلك صدورهن ، وأرضاهن ، وأفرحهن ، لإنصافه وعدله فيهن. وقيل : أنه مع حرصه على العدل فإنه كان يميل إلى بعضهن دون البعض ، وليس بوسعه دفع هذا الميل عنه تماما ، ولذلك كان يقول اعتذارا : «اللهم هذا فعلى فيما أملك ، فلا تلمنى فيما تملك ولا أملك» أخرجه أصحاب السنن ، يعنى بقوله : «فيما تملك ولا أملك» قلبه صلىاللهعليهوسلم ، أى أن عدله بينهن كان بقدر استطاعته ، وما كان