فِي السَّماءِ) (٥) (آل عمران) ، وقوله : (فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى) (٧) (طه) غير أن من الميل ما لا يكره ولا يستهجن ، ومنه المنفّر ، وميل رسول الله صلىاللهعليهوسلم وإن كان هناك ميل إلى عائشة أو غيرها كما يدّعى البعض ، فهو من النوع الأول ، وأما الثانى فهو الذى يصفه رسول الله صلىاللهعليهوسلم بقوله فيما يرويه أبو داود عن أبى هريرة : «من كانت له امرأتان ، فمال إلى إحداهما ، جاء يوم القيامة وشقه مائل». والدليل على أن الرسول صلىاللهعليهوسلم كان عادلا كل العدل مع زوجاته ولم يكن يميل فى القسمة لهن ، قوله تعالى : (وَيَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَ) ، أى أن عمله معهن كان فيه الرضا لجميع الزوجات بلا استثناء ، طالما أن محبة هذه أو تلك لا تمنع أن يعدل بينهن ، فالمحبة شىء من الله ، وأما العدل فهو من البشر. وقد سئل الرسول صلىاللهعليهوسلم عمّن يحب من النساء فقال : عائشة. وليس صحيحا أن عائشة عند ما سمعت آية الإرجاء والإسواء هذه قالت كما أتى فى الصحيحين : والله ما أرى ربّك إلا يسارع فى هواك»! فعائشة تعرف حدودها معه صلىاللهعليهوسلم ، وكانت معلّمة ، ومؤدّبة ، وداعية ، فكيف تقول ذلك وهى تعلم أن الله قال فيه صلىاللهعليهوسلم : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى) (٣) (النجم)؟ وكانت أعرف الناس بذلك ، والحديث على ذلك موضوع ، وهو من الأحاديث التى تعجب المستشرقين كثيرا ، وبه ينال الشيعة من عائشة وينقدونها بشدة.
والخلاصة : أن الآية تفيد أن النبىّ صلىاللهعليهوسلم : كان مخيّرا فى أزواجه ، إن شاء أن يقسم قسم ، وإن شاء أن يترك القسم ترك ، فالأمر موكول إليه ، إلا أنه كان يقسم مع ذلك من قبل نفسه دون أن يفرض عليه ذلك ، تطييبا لنفوس زوجاته ، وصونا لهن عن أقوال الغيرة. وليس صحيحا ما يقوله رواة الإسرائيليات : أن القسم كان واجبا على النبىّ صلىاللهعليهوسلم ثم نسخ الوجوب عنه بهذه الآية فذلك لم يثبت؟! ومن الكذب البيّن أن يقال : أنه صلىاللهعليهوسلم همّ بطلاق بعض نسائه فقلن له : أقسم لنا ما شئت؟! وافتروا عليه صلىاللهعليهوسلم : أنه آوى عائشة ، وحفصة ، وأم سلمة ، وزينب ، فكان يقسم لهن من نفسه وماله سواء بينهن ، وأنه أرجى سودة ، وجويرية ، وأم حبيبة ، وميمونة ، وصفية ، فكان يقسم لهن ما شاء؟! وكذلك ليس صحيحا أن المرجئات هن اللاتى وهبن أنفسهن له ، فتزوج منهن ، وترك منهن ، وما علمنا أنه صلىاللهعليهوسلم أرجأ أحدا من أزواجه ، بل آواهن كلهن ، ولا أنه تزوج من امرأة وهبت نفسها له حتى يقال فيه ما قيل.
* * *
٢٥٨. هل كان بوسعه أن يعدل بين زوجاته وهن كثيرات؟
فى الكتب فى التاريخ والسّير أن الرسول صلىاللهعليهوسلم توفى عن تسع زوجات ، واثنتين من