، وفرضت لأزواج النبىّ صلىاللهعليهوسلم عشرة آلاف عشرة آلاف ، وخصّ عائشة باثنى عشرة ألفا ، وهذا ما يجعلنا نفرد عائشة رضى الله عنها كزوجة وحيدة للرسول صلىاللهعليهوسلم ، وخصّ عمر صفية وجويرية بستة آلاف لكل. فهل كانت صفية تحتسب حقا زوجة للنبىّ؟ وهل تزوجها لتكون زوجة ، أو لشهوة ، أم أن زواجه منها أملته السياسة واقتضته الحكمة ، فربما يسلم قومها ، كقوم جويرية ، وقد تصنع المصاهرة ما لم تصنعه الحرب ، وتلك كانت طريقة المصطفى صلىاللهعليهوسلم ، وذلك منهجه مع خصومه. والمصاهرة هى وشيجة العرب لحلّ المنازعات وإنهاء الخصومات.
وكانت عاشرة الأزواج : رملة بنت أبى سفيان. وزواجه منها برهان ساطع على أن تلك الزيجات جميعها كانت من أجل نشر الإسلام ، ولعزة المسلمين ، وكان زواجه منها فى العام السابع الهجرى ، وكان يناديها أم حبيبة ، باسم ابنتها حبيبة من زوجها عبد الله بن جحش ، ابن عمة النبىّ صلىاللهعليهوسلم ، الذى قد هاجرت معه إلى الحبشة فى الهجرة الأولى ، ولكن عبد الله تحوّل إلى النصرانية ، وترك الإسلام ، وتمسكت أم حبيبة بدينها ، ولا تدرى كيف تتصرف فى الغربة بعد أن صارت وحيدة وابنتها ، ولم تكن تجرؤ على العودة إلى مكة مخافة أبيها رأس الشرك وعدو الإسلام الأول ، فأرسل إليها النبىّ صلىاللهعليهوسلم يطمئنها ويخطبها لنفسه ، لعله بذلك يستميل أبى سفيان إلى الإسلام ، وربما كان ذلك هو الحل الوحيد المتاح الذى يضمن لها المأوى والحياة الكريمة التى تليق بمثلها ، وما كان عند الرسول من حلّ سواه. وعادت إلى المدينة فى السنة السابعة من الهجرة زوجة لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وكانت فى نحو الأربعين أو أقل قليلا ، بينما الرسول فى نحو الستين ، ومع ذلك فلما بلغ أبا سفيان نبأ زواجهما قال : ذلك الفحل لا يجدع أنفه! ـ يسخر من كثرة زواج المصطفى وينبّه إلى ذكورته ، وهو كلام غير صحيح ، لأن أبا سفيان كان يعلم أن النبىّ صلىاللهعليهوسلم ما كان يرغب فيها كامرأة ، ولا فى غيرها ، ونزلت الآية : (عَسَى اللهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللهُ قَدِيرٌ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٧) (الممتحنة) ، قال ابن عباس إنها نزلت فى أبى سفيان بن حرب ، عسى الله أن يؤدم بين الشتيتين ، ويوفّق بين الضدين ، فتكون المحبة بعد البغضة ، والمودة بعد النفرة ، والألفة بعد الفرقة ، وهذا هو السبب الحقيقى لزواج رسول الله صلىاللهعليهوسلم من كل زوجاته ، وليس لشهوة ، ولا لحبّ كما يدّعون. وكان الزواج فى حياة الرسول صلىاللهعليهوسلم إما لأسباب اجتماعية كزواجه من سودة ، وحفصة ، وإما لأسباب سياسية كزواجه من صفية اليهودية ، وجويرية بنت الحارث ، وأم حبيبة. والآية حسمت هذه المسألة وبيّنت أن المودة المطلوبة هى المصاهرة. فلما علم أهل مكة أن المسلمين ينوون غزو مدينتهم ، أرادوا أن يرسلوا إلى الرسول صلىاللهعليهوسلم ، ولم يكن هناك من يتوسط لهم لديه