جميعا الإسلام ، فكانت جويرية عليهم وعلى الإسلام بركة ، إلا أنها ما كانت تقرأ ، ولم تشتغل بالدعوة كعائشة وأم سلمة ، ولم يذكر أنها روت سوى ستة أحاديث عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولم يكن النبىّ صلىاللهعليهوسلم يأتيها غالبا ، ولما توفى لم يعاملها أىّ من الخلفاء كأرملة لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وظهر أن بركتها على الإسلام أن اعتنقه قومها ، وكان ذلك هو مقصوده صلىاللهعليهوسلم من الزواج بها وقد تحقق. فهل كان زوجا لشهوة؟ أو لأن النبىّ صلىاللهعليهوسلم كان مزواجا كما ادّعوا؟!! وهل ترقى جويرية لمستوى عائشة الزوجة عن حق للرسول صلىاللهعليهوسلم ـ لتحتسب هذه الزيجة من جويرية على الرسول صلىاللهعليهوسلم؟ وإنما كانت عائشة هى زوجته فى الدنيا والآخرة.
وأما تاسعة الأزواج فكانت صفية بنت حيى بن أخطب ، تزوجها سنة سبع هجرية ، وكانت فى السابعة عشرة من عمرها ، ومع ذلك سبق لها الزواج مرتين ، وكان قد قتل زوجها كنانة بن الربيع ، وسباها المسلمون فى خيبر ، ووقعت فى سهم دحية الكلبى ، وجىء بها إلى الرسول صلىاللهعليهوسلم فأشفق عليها ، فقد كانت ابنة سيد قومها ، فخيّرها أن تعتنق الإسلام وتصبح حرة ، أو تبقى يهودية وهى سبيّة ، فقيل اختارت الإسلام ، فأعتقها وتزوجها ، لعل قومها يسلمون ، فما فعلوا ، ولقد طعن المسلمون عليه أن تزوجها ، وقال ابن عباس : إن الآية : (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً) (٥٧) (الأحزاب) نزلت فى هؤلاء ، وما كانت صفية على شىء من الجمال ، وإنما على هيئة قومها اليهود ، وكانت كما وصفتها عائشة : قصيرة يلفت قصرها النظر ، وما كان الرسول صلىاللهعليهوسلم يستكثر منها ، وكانت تتعلل اعتذارا عن ليلتها ، وكثيرا ما وهبتها لعائشة ، وكان النبىّ صلىاللهعليهوسلم يسرّ لذلك ، وما كان يقسم لها كعائشة ، ولما توفى أنكرت منها أمتها أشياء ، وأبلغت عمر بن الخطاب أنها على دين قومها وليست على الإسلام ، وأنها تحفظ السبت مثلهم ، وتصل أرحامها من يهود المدينة ، ولم يحدث أن حدّثت عن النبىّ صلىاللهعليهوسلم إلا ثلاثة أحاديث لا شىء فيها ، ولما قاربت الموت أوصت لابن عمها ـ وكان على دين اليهود ـ بثلث ما تركته ، ورفض أولو الأمر إعطاءه ميراثه لأنه يهودى وهى مسلمة ، ولا يرث الذمىّ مسلمة أو مسلما ، وتدخلت عائشة بدعوى أن ما تركته صفية هو وصية ، وأنه يجوز أن توصى المسلمة بجزء من تركتها لا يتجاوز الثلث لغير المسلم. ووجود أهلها وابن عمها فى المدينة فى عهد عمر دليل كذب الرواة الذين قالوا أن النبىّ قتل الذكور ، حتى الصبيان من اليهود فى خيبر! وقد نسأل : هل كانت صفية ما تزال على دين أهلها كريحانة ، وهى الأخرى كانت يهودية وسبيّة ، وادّعوا أنها أسلمت وتزوجها المصطفى؟ وفى عهد عمر فرض أعطية سنوية للجميع ستة آلاف ستة آلاف