سيفه ليقتله من ورائه ، فحماه الله وعصمه ، فخرجا من المدينة ، فانطلقا فى أحياء العرب يجمعان الناس لحربه صلىاللهعليهوسلم ، فأرسل الله على أربد سحابة فيها صاعقة فأحرقته ، وأما ابن الطفيل فأرسل الله عليه الطاعون ومات.
* * *
٢٠٤. الردّ على من قال أن الأنبياء تعلم الغيب
كان هذا الردّ من طائر صغير الشأن ، كبير القدر ، هو الهدهد ، وكان هو قول الهدهد لسليمان : (أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ) (٢٢) (النمل) ، فأعلمه ما لم يكن يعلمه سليمان. وفى الآية دليل على أن العلم ليس احتكار العلماء ، ولا الأنبياء ، وأنه لا النبىّ ولا العالم يمكن أن يعلما الغيب إلا ما يأذن به الله.
* * *
٢٠٥. محمد لا يعلم الغيب
ما كان محمد صلىاللهعليهوسلم يعلم ما تخبئه المقادير ، ولا ما ذا يجرى له غدا ، ولو كان يعرف ما يراد منه من قبل أن يعرفه لفعله ، كقوله : (وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ) (١٨٨) (الأعراف) ، والقائد إذا تسنّى له أن يعرف الغيب انتصر فى الحروب ، وبعض الحروب خسرها النبى صلىاللهعليهوسلم ، والتاجر الذى يعرف الغيب يتاجر بثقة ويعرف متى يقبل على الاتجار ومتى ينكص ، ومحمد صلىاللهعليهوسلم ما كان يجد قوت يومه ، وكان أصحابه يشكون الجوع فما يملك ما يسدّ به جوعهم ، إلا أن يطلب منهم أن يصبروا. ولو كان يعلم الغيب لكانت الساعة ضمن علمه ، ولاستكثر من عمل الصالحات. ولو كان علم الغيب من علومه لاستطاع أن يجيب على كل ما سألوه عنه ، ولما استطاع أحد أن يؤذيه أو يكيد له ، وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل.
* * *
٢٠٦. محمد صلىاللهعليهوسلم بشر
فى التراث الإسلامى أن إبليس رفض أن يسجد لبشر : (قالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ) (٣٣) (الحجر) ، وورث الناس عن إبليس هذه الدعوى ، ورفضوا أن يكون الرسل من البشر : (قالُوا ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا وَما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ) (١٥) (يس) ، وشكّكوا فى رسالاتهم ، قالوا : (أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا) (٦) (التغابن) ، واستكبروا أن يتّبعوا رسولا من البشر : (فَقالُوا أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ) (٢٤) (القمر) ، وقالوا عن كل نبىّ : (ما نَراكَ إِلَّا بَشَراً مِثْلَنا) (٢٧)