وجميعها أمم عاشت لأن لكل منها «كتابه» ، والقاعدة تسرى على أمة الإسلام ، فطالما تمسّك المسلمون بكتابهم فهم فى حفظ وحياة.
(فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) (٣٤) : هذا حكم عام ، والأجل الوقت المعلوم للموت ، و (لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً) لأن الساعة أقل أسماء الأوقات ، وقوله (وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) فيه أن المقتول إنما يقتل بأجله ، وأجل الموت هو وقت الموت ، كما أن أجل الدّين هو وقت حلوله ، وكل شىء وقّت به شىء فهو أجل له.
(حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ ...) (٤٠) : المثل يضرب لاستحالة أمر ما ، وجاء فى القول عن المكذّبين والمستكبرين أنهم غير مغفور لهم ، فإن كان الجمل يدخل فى سمّ الخياط ، فكذلك هؤلاء يدخلون الجنة ، والأمران مستبعدان ، والجمل من الإبل ، وهو زوج الناقة ، والجمع جمال ، وفى قراءة (الْجَمَلُ) وهو حبل السفينة الغليظ من القنب يستحيل أن يدخل فى سمّ الخياط. وقيل هو الحبل الذى يصعد به النخل ، وهو غليظ أيضا. وسمّ الخياط : ثقب الإبرة ، وكل ثقب لطيف هو سم ، وجمعه سموم ، وأما السّمّ القاتل فيجمع على سمام. والخياط ما يخاط به ، وهو مخيط أيضا.
(وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً ...) (٥٨) : الآية مثل للقلوب ، فقلب يقبل الوعظ والذكرى ، وقلب فاسق ينبو عن ذلك ، ومثل للمؤمن والمنافق ، فالمؤمن يعمل محتسبا متطوعا ، والمنافق لا يحتسب ؛ والمعنى أن من بنى آدم الطيب والخبيث ، والطيب لا ينجب إلا طيبين ، والخبيث لا ينجب إلا خبيثين.
(وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ) (٨٥) : البخس هو النقص ، ويكون فى السلعة بالتعييب والتزهيد فيها ، ويكون فى غير السلع بالمخادعة عن قيمتها ، والاحتيال فى النقصان من قدرها ، وذلك منهى عنه فى الأديان وفى الأخلاق ، ولا يفعله الناس إلا فى الدول والجماعات المتخلّفة ، ويأتيه الطغاة دائما.
(وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (٨٥) : يقال للمفسدين فى أى مجال ، والمثل يعم دقيق الفساد وجليله.
(وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِراطٍ ...) (٨٦) : والقعود بكل الطرق إنما يكون للإفساد والحضّ عليه ، والنهى عن الخير ، والعامة تقول : لا تقعد لى فى الساقطة واللاقطة ... أى فى كل كلمة ، شأن من يتمنى لك الخطأ.
(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) (٩٦) : هو مثل يضرب لمن يمتحن من المؤمنين بضيق العيش يكفّر به الله عن ذنوبهم ؛ والقرية هى