مصر ، وحضر الشام ، وتزوج ليلى التى هام بها. ولمّا رفض عبد الرحمن أن يبايع ليزيد وحضّ الناس على عدم المبايعة ، بعث إليه معاوية بمائة ألف درهم ، فردّها وخرج من المدينة من وجه مروان بن الحكم الظالم المستبد عامل معاوية عليها ، ودخل مكة فمات فيها قبل أن تتم البيعة ليزيد ، وظلت عائشة تعتقد أن عبد الرحمن مات مسموما بطريقة معاوية فى التخلص من أعدائه. ولعبد الرحمن فى كتب الأحاديث ثمانية أحاديث. فهذا بعض تاريخ من قالوا عنه إن القرآن نزل فيه مرتين يقصّ عن كفره ، والله المستعان ، وكما قالت عائشة فإن القرآن لم ينزل فى أحد من أهلها إلا فيها حديث الإفك ، وفى أبيها فيما كرّمه به ربّه من الذكر عن الهجرة ، والغار ، والمسارعة إلى تصديق النبىّ صلىاللهعليهوسلم ، سواء فى الدعوة إلى الإسلام ، أو فى الإسراء ، أو فى غير ذلك من المواقف ، حتى أنه كان الرجل الأول ضمن الأجلاء من الصحابة. فهذا ما نزل فيه القرآن من أفراد عائلة أبى بكر.
* * *
٩٤٦. قصة الجن يستمعون إلى القرآن
الجن من مخلوقات الله ولكنهم غير مرئيين من الإنسان أو من سواه ، والجن فى اللغة من الاستتار والاختفاء ، والجنّى الواحد ، والجنيّة الأنثى ، واسم الجمع الجان ، وهم أمم كما يخبرنا القرآن ، ومنهم الكافر ومنهم المؤمن ، وقيل إبليس رئيسهم ، وحكومتهم فى الأرض هى الحكومة الخفية ، وكانوا يخدمون سليمان ، وبعض الناس يعوذون بالجن ، ومن الناس من يعبد الجان ، وهؤلاء المسمون عبدة الشيطان.
وقصة الجن مع النبىّ صلىاللهعليهوسلم متعلّقها القرآن لا غير ، فما كانت له صلات بالجن ، ولا بعث إليهم ، ولم يرهم ، وما عرفناه من ذلك جاءنا من القرآن ، وفيه سورة بأكملها عن الجن وهى من السور المكية ، وتتحدث عن تأثير القرآن فيهم ، توبيخا لأهل مكة الذين كانوا على الكفر ، فحتى الجن ، منهم من آمن لمّا استمعوا للقرآن ، وما آمن أهل مكة المنزّل عليهم القرآن خصيصا ، والمعنىّ بهم فى المحل الأول؟! ويأتى فى أول القصة ـ عند ما فوجئ الجن بمنعهم من التنصّت إلى السماء ، وبزيادة الحرس عليها ، وبالشّهب الكثيرة يرمون بها كلما اقتربوا منها ، أنهم تساءلوا عن معنى ذلك فاستنبطوا أن أمرا جللا لا بد قد حدث على الأرض واستوجب هذا الإجراء. وذهب الجن يتوزّعون فرقا ، يتعرّفون السبب ، ويتلمّسون الداعى ، إلى أن كانوا ببطن نخلة فى طريقهم إلى عكاظ ، وهناك عثروا على جماعة من المسلمين يؤمّهم النبىّ صلىاللهعليهوسلم ويتلو عليهم القرآن ، فتوقفوا ينظرون ويسمعون ، وعجبوا أشد العجب ، ونقلوا ما رأوا وسمعوا إلى قومهم ، فكان نزول سورة الجن ، تعلم