النبى صلىاللهعليهوسلم بما جرى ، وفيها : (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً (١) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً (٢) وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَلا وَلَداً) (٣) ، وظاهر السورة يدل على أنه لم يرهم ، فالمسألة مجرد استماع منهم ، والمعرفة بما جرى تسلية للنبىّ صلىاللهعليهوسلم بعد أن أنكر أهل مكة ، وجحدوه وعاندوه واستهزءوا به. وما كانت قراءته للجن أصلا. ولمّا رأوه يصلى وأصحابه يصلون بصلاته ، ويسجدون بسجوده ، تأثروا فقال فيهم القرآن : (لَمَّا قامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً) (١٩) (الجن). وقيل إن الذين أتوا النبىّ صلىاللهعليهوسلم واستمعوا له جماعتان من الجن ، فجماعة استمعت إليه فى مكة ، وهؤلاء هم «جن سورة الجن» ، وجماعة استمعت إليه فى نخلة بعد أن توجه لهداية ثقيف ، وفى عودته كان وحده ، وصلى وحده كذلك ، وهؤلاء هم «جن سورة الأحقاف» ، يقول تعالى : (وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (٢٩) قالُوا يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (٣٠) يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (٣١) وَمَنْ لا يُجِبْ داعِيَ اللهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءُ أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (٣٢) (الأحقاف). وقيل إن النبىّ لمّا مات أبو طالب ، خرج وحده إلى الطائف يلتمس النصر من ثقيف ، فأغروا به عبيدهم وسفهاءهم يسبّونه ويضحكون به ، حتى اجتمع إليه الناس ، وألجئوه إلى حائط ، فجلس يشكو إلى الله أعظم الشكاية ، يقول : «اللهم إنى أشكو إليك ضعف قوتى ، وقلة حيلتى ، وهوانى على الناس ، يا أرحم الراحمين. أنت ربّ المستضعفين ، وأنت ربّى ، لمن تكلنى؟ إلى عبد يتجهمنى ، أو إلى عدو ملّكته أمرى؟! إن لم يكن بك غضب علىّ فلا أبالى ، ولكن عافيتك هى أوسع لى ، أعوذ بنور وجهك من أن ينزل بى غضبك ، أو يحلّ علىّ سخطك. لك العتبى حتى ترضى ، ولا حول ولا قوة إلا بك». ثم إنه قام من الليل يصلى ويتلو القرآن ، فتجمع عليه الجن واستمعوا له كما ذكرنا. وقيل كانت السورة التى تلاها (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) (١) (العلق).
وغير صحيح أن يقال إن النبىّ صلىاللهعليهوسلم رأى الجن ، ويسمّون تلك الليلة التى استمع له فيها الجن : ليلة الجن ، وكانت بمكة كما ذكرنا. ويروى عن ابن مسعود كلام غريب هو من الإسرائيليات ، قال إنهم افتقدوا النبىّ صلىاللهعليهوسلم تلك الليلة ، فالتمسوه فى الأودية والشعاب حتى ظنوا أنه استطير أو اغتيل ، وباتوا شرّ ليلة ، فلما كان الصبح إذ هو قادم من قبل حراء ، فقال : «أتانى راعى الجن فذهبت معه فقرأت عليهم القرآن». وقيل إن فى الجن