الناس منه الضرر الكبير ، لأنهم كانوا يلقونه بألسنتهم ويقولون بأفواههم ما ليس لهم به علم ، ظنا منهم أن المسألة أهون من ذلك وأعظم ، وكان ينبغى عليهم أن ينكروه ، ولا يتعاطونه بعضهم من بعض على جهة النقل والحكاية ، ومن كان مؤمنا فلا يعود لمثل ذلك أبدا ، وللأسف فإن كتب الشيعة حافلة بالسبّ لعائشة ، ومن يسبها يخالف القرآن ، وعند أصحاب الشافعى أن من سبّ عائشة أدّب ، وفى الحديث : «لا يؤمن من لم يأمن جاره بوائقه» ، وقد رمى أهل الإفك عائشة المطهّرة بالفاحشة ، فبرّأها الله تعالى ، فكل من سبّها بما برّأها الله منه ، يكذّب الله ، ومن كذّب الله كفر وكان جزاؤه الأدب ، والله تعالى يقول : (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (النور ١٩) ، ويعلم الله مقدار مخاطر إشاعة الفاحشة بين المسلمين ، وعظم هذا الزيف ، وفى الحديث : «وأيّما رجل أشاع على رجل مسلم كلمة وهو منها برىء ، يرى أن يشينه بها فى الدنيا ، كان حقا على الله أن يرميه بها فى النار» ، وفى القرآن فى عائشة خصوصا وفى المؤمنات عموما : (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) (٢٣) (النور) ، والمراد باللعنة الحدّ والإبعاد ، واستيحاش المؤمنين منهم ، وهجرهم لهم ، وزوالهم عن رتبة العدالة ، والبعد عن الثناء الحسن ، ويوم القيامة : (تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (٢٤) يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ) (٢٥) (النور) وفى عائشة قال تعالى : (الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) (٢٦) (النور) ، فالذين قالوا كلاما طيبا عن عائشة هم الطيبون والطيّبات حقا ، وما كان للنبىّ صلىاللهعليهوسلم أن يزوّجه الله عائشة وهى خبيثة ، والخبيثة فى الآية هى الزانية ، والطيبات هن العفائف ، وأمثال عائشة من النساء ، وصفوان بن المعطل من الرجال ، مبرّءون ومنزّهون مما رموا به ، ولمّا رمى يوسف بالفاحشة برّأه الله على لسان شاهد من أهل امرأة العزيز ، ولمّا رميت مريم بالفاحشة برّأها الله على لسان ابنها عيسى فى المهد ، وأما عائشة فلمّا رميت بالفاحشة برّأها الله تعالى بالقرآن ، فما رضى لها ببراءة صبى ولا نبىّ ، حتى برّأها الله بكلامه فى القرآن ، فقالت عائشة فى ذلك : أعطيت تسعا ما أعطيتهن امرأة : لقد نزل جبريل بصورتى فى راحته حتى أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يتزوجنى ؛ وتزوجنى بكرا وما تزوّج بكرا غيرى ؛ وتوفى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ورأسه فى حجرى ؛ وقبر فى بيتى ؛ وحفّت الملائكة ببيتى ؛ وكان الوحى يتنزّل عليه وهو فى أهله فينصرفون عنه ، وكان يتنزّل عليه وأنا معه فى لحافه فما يبيننى عن جسده ؛ وإنى لابنة خليفته وصديقه ؛ ونزل عندى من السماء ؛ وخلقت طيبة وعند طيّب ،